أبي حدّثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضالّ متكلّف [1] . أقول : قد يخال الناظر عند أوّل نظرة أن أسئلة الإمام بعيدة عن القصد أجنبيّة عن شأن البيعة لمحمّد ، ولكن بعد الرويّة يعرف أن القصد منها جليّ والمناسبة بارزة ، وذلك لأنه يريد أن يفهمهم أنهم جهلاء بالشريعة وأحكامها وأن إِمامهم الذي يدعون له مثلهم في الجهل بقواعد الدين ، وكيف يتولّى الجاهل أمور الأمّة وفيهم الأعلم الأفضل . مناظرته في الزهد دخل سفيان الثوري على الصادق عليه السّلام فرأى ثيابه بيضاً كأنها غرقى البيض [2] فقال له : إِن هذا اللباس ليس من لباسك ، فقال له : اسمع مني ما أقول لك ، فإنه خير لك عاجلاً وآجلاً ، إِن أنت مُتّ على السنّة والحقّ ولم تمت على البدعة . أخبرك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان في زمان مقفر جدب فأمّا إِذا أقبلت الدنيا فأحقّ أهلها بها أبرارها لا فجّارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفّارها ، فما أنكرت يا ثوري ، فواللّه أنني لَمَع ما ترى عليّ منذ عقلت ما مرَّ صباح ولا مساء وللّه في مالي حقّ أمرني أن أضعه موضعاً إِلا وضعته . وأتاه قوم ممّن يظهر التزهّد ويدعو الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم
[1] احتجاج الطبرسي : 2 / 364 . [2] كزبرج : القشرة الملتزقة ببياض البيض ، والتشبيه بها إِمّا لشدّة البياض أو للرقة أو لهما معاً .