ولو حضر موسى وعيسى محضرتي وسألاني لأجبتهما ، وسألتهما ما أجابا [1] . أقول : إِذا كان أمير المؤمنين باب مدينة علم الرسول وأولاده ورثة علمه فهم إِذن أعلم الناس كلّهم ، الأنبياء وغيرهم . العدل بين النساء سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول [2] فقال : أخبرني عن قول اللّه تعالى : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " [3] وقال تعالى في آخر السورة " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كلّ الميل " [4] فبين القولين فرق ؟ فقال أبو جعفر الأحول : فلم يكن عندي جواب فقدمت المدينة فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فسألته عن الآيتين ، فقال : أمّا قوله " فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة " فإنما عنى في النفقة ، وقوله " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " فإنما عنى في المودّة ، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودّة ، فرجع أبو جعفر إلى الرجل فأخبره ، فقال : هذا حملته من الحجاز [5] . أقول : حاول هذا الزنديق أن يناقض بين الآيتين لأن الثانية جعلت العدل غير مستطاع ، ولكن هذا التناقض إِنما يصحّ إذا كان متعلّق الآيتين واحداً ، وأمّا إذا كان متعلّق الأولى النفقة والثانية المودّة فلا تناقض بين العدلين .
[1] بحار الأنوار : 4 : 140 . [2] مؤمن الطاق وسنشير إليه في ثقات رواته . [3] النساء : 3 . [4] النساء : 129 . [5] بحار الأنوار : 4 : 137 .