قال : فلِمَ جعلت اللحية للرجال ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ خلت الكفّان من الشعر ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ خلا الظفر والشعر من الحياة ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ كان القلب كحبّ الصنوبر [4] قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ كانت الرئة قطعتين ، وجعل حركتها في موضعها ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ كانت الكبد حدباء ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ كانت الكلية كحبّ اللوبياء ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ جعل طيّ الركبتين إلى خلف ؟ قال : لا أعلم ، قال : فلِمَ تخصّرت القدم ؟ [5] قال : لا أعلم ، فقال الصادق عليه السلام : لكنّي أعلم ، قال : فأجب . قال الصادق عليه السلام : كان في الرأس شؤون لأن المجوّف إِذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد وجعل الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويردّ الحرّ والبرد عليه ، وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصبّ النور إلى العينين [1] وجعل فيها التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس إلى العين قدر ما يميطه الانسان عن نفسه وهو كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه ، وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردّا [2] عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليردّ عليهما قدر كفايتهما منه ، وجعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء ، وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت مربّعة أو مدوّرة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج منها داء ، وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المتحدّرة من الدماغ ويصعد فيه الأراييح إلى المشام ،
[4] الصنوبر شجر لا يزال مخضراً وهو رفيع الورق وحبّه مستدير طويل . [5] مخصر القدم : من تمسّ قدمه الأرض من مقدمها وعقبها ويخوى أخمصها مع دقّة فيه . [1] فلو كان في الجبهة لحال دون النور . [2] ليورد في نسخة .