ذنبهم لدى معاوية إلا أنّهم عترة الرسول ورهطه ، ورعاة الدين ودعاته ، ولو صافحهم أو صفح عنهم لم ينل مأربه من الزعامة ، ومقصده من حرب الرسول وشريعته . [1] ولم يهلك معاوية مستوفياً لأمانيه من محاربة الرسول والرسالة حتى أرجأ ذلك إلى دعيّه يزيد ، غير أن يزيد لم يكن لديه دهاء أبيه معاوية فيدسّ السمّ بالدسم لكيد الاسلام ، فمن ثمَّ برزت نواياه على صفحات أعماله واضحة من دون غشاء ولا غطاء ، فما أصبح إلا وأوقع بالحسين سبط الرسول وريحانته وسيّد شباب أهل الجنّة ، وبرهطه صفوة الناس في الصلاح والفضيلة ، وما أمسى إلا وتحكّم ما يشاء في دار الهجرة وبقايا الصحابة ، من دون أن يحول عن العبث بها دين أو مروّة أو عفاف ، وما عتم إلا وهو محاصر للبيت ترميه حجارته وتفتك بأهليه ورمايته . وأيّ رهط أذب عن الاسلام وأحمى لحوزته من الحسين وأهله ؟ وأيّ بلد أظهر في اتباع الاسلام من الحرمين يوم ذاك ؟ وهل أبقى ابن ميسون شيئاً من مقدوره في مبارزة الاسلام لم يصنعه ، ومحاربة النبي صلّى اللّه عليه وآله وعترته وصحابته لم يفعله ؟ ! ولو أردنا استقصاء أعمال أُميّة التي حاربت بها الشريعة وصاحبها الأمين لكثر عليك العدّ ، وخرجنا عن القصد ، أجل لا ضير لو أوردنا نتفاً أشار إليها المقريزي صاحب الخطط في رسالته " النزاع والتخاصم " والجاحظ في رسالته التي ضربها مثلاً للمفاخرة بين بني أُميّة وبني هاشم ، فكان مما أورداه : إنّ بني أُميّة كانوا يختمون أعناق الصحابة ، وينقشون أكفّ المسلمين علامة استعبادهم ، وجعلوا الرسول دون الخليفة ، ووطأوا المسلمات في دار
[1] شرح النَّهج : 1 / 463 ، ومروج الذهب : 1 / 341 فيما يرويانه عن المغيرة بن شعبة في تكفيره لمعاوية وهو المغيرة فكيف إذن معاوية ، ويل لمن كفره النمرود .