وجرت بينه عليه السّلام وبين ابن أبي العوجاء [1] محاورة ، فمنها قول ابن أبي العوجاء للصادق : ذكرت اللّه فأحلت على غائب ، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : ويلك كيف يكون غائباً من هو مع خلقه شاهد وإِليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم ، فقال ابن أبي العوجاء : أهو في كلّ مكان ، أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض ، وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء ، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : إِنما وصفت المخلوق إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان فخلا منه مكان ، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه ، فأمّا اللّه العظيم الشأن الملِك الديّان فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان [2] . أقول : وما أكثر ما جاء عنه من أمثال هذا الكلام في تنزيه البارئ تعالى شأنه عن صفات صنائعه ، واجتزينا بما أوردناه . لا تدركه الأبصار ذهب بعض أبناء الفِرق الاسلاميّة إلى أنه جلّ شأنه يُرى بالبصر في الآخرة فقط ، أو في الدنيا والآخرة معاً وما زال أهل البيت - لا سيّما الصادق عليه السلام - يبطلون هذه النسبة ويمنعون عليه تعالى الرؤية ، وسوف نورد عليك بعض الحجج من كلامه . قال هشام : كنت عند الصادق عليه السّلام إِذ دخل عليه معاوية بن وهب
[1] اسمه عبد الكريم ، وقد عدّه السيد المرتضى في أماليه من ملاحدة العرب المشهورين ، وقتله محمّد بن سليمان والي الكوفة من قبل المنصور على الالحاد . [2] توحيد الصدوق : باب الحركة والانتقال .