وعبد الملك بن أعين [1] فقال له معاوية بن وهب : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله رأى ربه ، على أي صورة رآه ؟ وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربّهم في الجنّة على أيّ صورة يرونه ؟ فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال : يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في مُلك اللّه ويأكل من نعمه ثمّ لا يعرف اللّه حقّ معرفته ، ثمّ قال عليه السّلام : يا معاوية إِن محمّداً صلّى اللّه عليه وآله لم يَر الربّ تبارك وتعالى بمشاهدة العيان وأن الرؤية على وجهين : رؤية القلب ، ورؤية البصر ، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب ومن عنى برؤية البصر فقد كفر باللّه وبآياته لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : من شبّه اللّه بخلقه فقد كفر ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه السّلام فقيل : يا أخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله هل رأيت ربّك ؟ فقال : وكيف أعبد من لم أره ، لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، فإذا كان المؤمن يرى ربّه بمشاهدة البصر فإن كلّ من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ، ولا بدّ للمخلوق من الخالق ، فقد جعلته إِذن محدثاً مخلوقاً ، ومن شبّهه بخلقه فقد اتخذ مع اللّه شريكاً ، ويلَهُم أَوَلم يسمعوا بقول اللّه تعالى " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " [2] وقوله " لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكّاً " [3] وإِنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سمّ الخياط فدكدكت الأرض وصعقت الجبال فخرّ موسى صعقاً - أي ميّتاً - فلمّا أفاق وردّ عليه روحه قال : سبحانك تبت إليك من قول مَن زعم أنك تُرى ورجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك ، وأنا أول المؤمنين وأول المقرّين بأنك تَرى ولا تُرى وأنت بالمنظر الأعلى . ثمّ قال عليه السّلام : إِن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الربّ ،
[1] هما من أصحاب الصادق عليه السلام وأعلامهم المشهورين . [2] الأنعام : 103 . [3] الأعراف : 143 .