إِلى أن يقول : واعلم أنه ليس منزلة الشيء على حسب قيمته بل هما قيمتان مختلفتان بسوقين ، وربّما كان الخسيس في سوق المكتسب نفيساً في سوق العلم ، فلا تستصغر العبرة في الشيء لصغر قيمته ، فلو فطن طالِبو الكيمياء لما في العذرة لاشتروها بأنفس الأثمان وغالوا بها . - 4 - ثمّ أن المفضّل بكّر إليه في اليوم الرابع ، فقال له الصادق عليه السّلام : يا مفضّل قد شرحت لك من الأدلّة على الخلق والشواهد على صواب التدبير والعمد في الانسان والحيوان والنبات والشجر وغير ذلك ما فيه عبرة لمن اعتبر ، وأنا أشرح لك الآن الآفات الحادثة في بعض الأزمان التي اتخذها أناس من الجهّال ذريعة إلى جحود الخالق والخلق والعمد والتدبير ، وما أنكرت المعطّلة والمانويّة من المكاره والمصائب ، وما أنكروه من الموت والفناء ، وما قاله أصحاب الطبائع ، ومن زعم أن كون الأشياء بالعرض والاتفاق ليتّسع ذلك القول في الردّ عليهم ، قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون . إِتخذ أناس من الجهّال هذه الآفات الحادثة في بعض الأزمان كمثل الوباء واليرقان والبرد والجراد ذريعة إلى جحود الخلق والتدبير والخالق ، فيقال في جواب ذلك : إِنه إِن لم يكن خالق ومدبّر فلِم لا يكون ما هو أكثر من هذا وأفظع ؟ فمن ذلك أن تسقط السماء على الأرض وتهوي الأرض فتذهب سفلاً ، وتتخلّف الشمس عن الطلوع أصلاً ، وتجفّ الأنهار والعيون حتّى لا يوجد ماء للشفة ، وتركد الريح حتّى تحمّ الأشياء وتفسد ، ويفيض ماء البحر على الأرض فيغرقها . ثمّ هذه الآفات التي ذكرناها من الوباء والجراد وما أشبه ذلك ما بالها لا تدوم وتمتدّ حتّى تجتاح كلّ ما في العالم بل تحدث في الأحايين ثمّ لا تلبث أن