responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق ( ع ) نویسنده : الشيخ محمد حسن المظفر    جلد : 1  صفحه : 156


مثله من اختلاف صور العالم من البهائم والطير إِلى غير ذلك ممّا يشاهده ساعة بعد ساعة ويوماً بعد يوم ، واعتبر ذلك بأن من سبي من بلد إِلى بلد وهو عاقل يكون كالواله الحيران فلا يسرع في تعلّم الكلام وقبول الأدب كما يسرع الذي يسبى صغيراً غير عاقل ، ثم لو ولِد عاقلاً كان يجد غضاضة إِذا رأى نفسه محمولاً مرضعاً معصّباً بالخرق مسجّى في المهد ، لأنه لا يستغني عن هذا كلّه لرقّة بدنه ورطوبته حين يولد ، ثمّ كان لا يوجد له من الحلاوة والوقع من القلوب ما يوجد للطفل ، فصار يخرج إلى الدنيا غبيّاً غافلاً عمّا فيه أهله فيلقى الأشياء بذهن ضعيف ومعرفة ناقصة ثمّ لا يزال يتزايد في المعرفة قليلاً قليلاً وشيئاً بعد شيء وحالاً بعد حال ، حتّى يألف الأشياء ويتمرّن ويستمرّ عليها ، فيخرج من حدّ التأمّل لها والحيرة فيها إلى التصرّف والاضطراب في المعاش بعقله وحيلته والى الاعتبار والطاعة والسهو والغفلة والمعصية ، وفي هذا أيضاً وجوه أخر فإنه لو كان يولد تامّ العقل مستقلاً بنفسه لذهب موضع حلاوة تربية الأولاد ، وما قدر أن يكون للوالدين في الاشتغال بالولد من المصلحة ، وما يوجب التربية للآباء على الأبناء من المكافاة بالبّر والعطف عليهم عند حاجتهم إلى ذلك منهم ، ثمّ كان الأولاد لا يألفون آباءهم ولا يألف الآباء أبناءهم ، لأن الأولاد كانوا يستغنون عن تربية الآباء وحياطتهم فيتفرّقون عنهم حين يولدون ، فلا يعرف الرجل أباه وأمّه ولا يمتنع من نكاح أمّه وأخته وذوات المحارم منه إِذ لا يعرفهنّ ، وأقلّ ما في ذلك من القباحة ، بل هو أشنع وأعظم وأفظع وأقبح وأبشع لو خرج المولود من بطن أمّه وهو يعقل أن يرى منها ما لا يحلّ له ، ولا يحسر به أن يراه ، أفلا ترى كيف أقيم كلّ شيء من الخلقة على غاية الصواب وخلا من الخطأ دقيقه وجليله .
أقول : إِن بعض هذا البيان البديع من الإمام عن تدرج الانسان في نموّه ، ونموّه في أوقاته كافٍ في حكم العقل بأنّ له صانعاً صنعه عن علم وحِكمة وتقدير وتدبير .

156

نام کتاب : الإمام الصادق ( ع ) نویسنده : الشيخ محمد حسن المظفر    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست