ويقول : لا يفلح من لا يعقل [1] ، ولو قرأت ما أملاه الكاظم عليه السّلام على هشام بن الحكم في شأن العقل والعقلاء [2] لعرفت كيف عرفوا حقيقة العقل ، ودلّوا عليه وحثّوا على الاستضاءة بنوره . ولقد جاء في كلامهم الشيء الكثير من الاستدلال على هذه الأصول ، وهذا نهج البلاغة قد جمع من البراهين ما أبهر العقول وحيّر الألباب ، كما جمعت كتب الحديث والكلام كثيراً من تلك الحجج ، ومن تلك الكتب احتجاج الطبرسي ، وأصول الكافي ، وتوحيد الصدوق ، والأوّل والثّاني من البحار ، وفي كتبه الأخرى التي يترجم فيها الأئمة عليهم السّلام ويذكر كلامهم طيّ تراجمهم ، إلى نظائر هذه الكتب الجليلة . ونحن الآن نوافيك بشيء ممّا جاء عن الصادق عليه السّلام في بعض هذه الأصول . الوجود والتوحيد إِن للصادق عليه السّلام فصولاً جمّة في التدليل على وجوده ووحدانيّته تعالى ، منها توحيد المفضّل ، وهو الدروس التي ألقاها على المفضّل بن عمر الجعفي الكوفي أحد أصحابه الذين جمعوا بين العلم والعمل ، ورسالته المسمّاة بالاهليلجة ، المرويّة عن المفضّل أيضاً ، غير أن التوحيد أخذه منه شفاهاً ، والرسالة رواها مكاتبة وهاتان الرسالتان وإِن كانتا مقطوعتي السند غير أن البيان يفصح لك عن صدق النسبة ، ولولا أن نخرج عن خطّتنا المرسومة لأتينا بهما