جميعاً مع بعض التعاليق الوجيزة ، غير أننا نأتي بشيء منهما لئلا يخلو هذا السفر من تلك العقود النفيسة . توحيد المفضّل سمع المفضّل ابن أبي العوجاء والى جانبه رجل من أصحابه في مسجد النبي صلّى اللّه عليه وآله وهما يتناجيان في ذكر النبي صلّى اللّه عليه وآله ويستغربان من حِكمته وحظوته ، ثمّ انتقلا إلى ذكر الأصل فأنكر وجوده ابن أبي العوجاء وزعم أن الأشياء ابتدأت بإهمال ، فأزعج ذلك المفضّل فلم يملك نفسه غضباً وغيظاً ، ثمّ أنحى عليه يسبّه ، وبعد مناظرة جرت بينهما قام المفضّل ودخل على الصادق عليه السّلام ، والحزن لائح على شمائله ، يفكر فيما ابتلى به الاسلام وأهله من كفر هذه العصابة وتعطيلها ، فسأله الصادق عليه السّلام عن شأنه حين رأى الانكسار بادياً على وجهه ، فأخبره بما سمعه من الدهريّين ، وبما ردّ عليهما به ، فقال الصادق عليه السّلام : لألقينّ إليك من حِكمة الباري جلّ وعلا في خلق العالم والسباع والبهائم والطير والهوام وكلّ ذي روح من الأنعام ، والنبات والشجرة المثمرة وغير ذات الثمر والحبوب والبقول المأكول وغير المأكول ما يعتبر به المعتبرون ، ويسكن إِلى معرفته المؤمنون ويتحيّر فيه الملحدون فبكّر عليّ غداً . حقّاً لقد ألقى الصادق عليه السّلام على المفضّل من البيان ما أنار به الحجّة وأوضح الشبهة ، ولم يدع للشكّ مجالاً ، وللشبهة سبيلاً ، وأبدى من الكلام عن بدائع خلائقه ، وغرائب صنائعه ، ما تحار منه الألباب ، وتندهش منه العقول ، وأظهر من خفايا حِكمه ما لا يهتدي إِلا أمثاله ممّن أوتي الحِكمة وفصل الخطاب . وكلّما حاولت أن أنتخب فصولاً خاصّة من تلك البدائع لم أطق ، لأني أجدها كلّها منتخبة ، وأن أقتطف من كلّ روضة زهرتها اليانعة لم أستطع لأني