لم يؤلّف مثله حتّى اليوم قد فاته الشيء الكثير من حديثهم ، فتصدّى بعض علماء العصر وفّقه اللّه [1] لجمع كتاب مستدرك للبحار وقد جمع إلى اليوم فيه الشيء الكثير . وكان الصادق عليه السّلام يرغّب أصحابه في رواية الحديث فيقول لمعاوية بن وهب [2] الراوية للحديث : المتفقّه في الدين أفضل من ألف عابد لا فقه له ولا رواية . أقول : ولا إِخالك تستغرب من هذا التفضيل ، لأن اللّه تعالى يريد من عباده أن ينفع بعضهم بعضاً ، ويصلح بعضهم بعضاً ، والعابد صالح ، والمحدّث المتفقّه مصلح وصالح . الفقه إِن الفقه هو معرفة الأحكام الفرعيّة من الطهارات إلى الديات ، وهذه الأحكام مأخوذة من الأدلّة الأربعة وأكثرها شرحاً وبسطاً - السنّة - وهي حديث الرسول وأهل بيته عند الشيعة ، فكتُبُ الشيعة في الفقه مأخوذة من هذه الأدلّة الأربعة ، وأكثر السنّة حديثاً هو الحديث الصادقي ، ولولا حديثه لأشكل على العلماء استنباط أكثر تلك الأحكام . وما كان فقهاء الشيعة عيالاً عليه فحسب ، بل أخذ كثير من فقهاء السنّة الذين عاصروه الفقه عنه ، أمثال مالك وأبي حنيفة والسفيانين وأيوب وغيرهم ، كما ستعرفه في بابه ، بل ابن أبي الحديد في شرح النهج ( 1 : 6 ) أرجع فقه
[1] هو العلامة الجليل الكبير سنّاً وأخلاقاً ميرزا محمّد الطهراني نزيل سامراء اليوم . [2] الظاهر أنه البجلي الكوفي ، الثقة الجليل ، وقد روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام ، وله كتاب رواه عنه جماعة من أجلاء الرواة .