حياته العلميّة . . ( علمه إِلهامي ) لا فضيلة كالعلم ، فإن به حياة الأمم وسعادتها ، ورقيّها وخلودها ، وبه نباهة المرء وعلوّ مقامه وشرف نفسه . ولا غرابة لو كان العلم أفضل من العبادة أضعافاً مضاعفة ، لأنّ العابد صالح على طريق نجاة قد استخلص نفسه فحسب ، ولكن العالم مصلح يستطيع أن يستخرج عوالم كبيرة من غياهب الضلال ، وصالح في نفسه أيضاً ، وقد فتح عينيه في طريقه ، ومن فتح عينه أبصر الطريق . وليس في الفضائل ما يصلح الناس وينفعهم ويبقى أثره في الوجود مثل العلم ، فإن العبادة والشجاعة والكرم وغيرها إذا نفعت الناس فإنما نفعها ما دام صاحبها في الوجود ، وليس له بعد الموت إِلا حسن الأحدوثة ، ولكن العالم يبقى نفعه ما دام علمه باقياً ، وأثره خالداً . وقد جاء في السنّة الثناء العاطر على العلم وأهله ، كما جاء في الكتاب آيات جمّة في مدحه ومدح ذويه ، وهذا أمر مفروغ عنه ، لا يحتاج إلى استشهاد واستدلال .