في أهل البيت وفي الصادق ليست وليدة عصر المنصور ، وإِنما هي من عهد صاحب الرسالة ، فالإمام الصادق عليه السّلام وقع بين لحيي لهذم فإنه إِن جارى المنصور فقد أبطل إِمامة إِلهية ، وإِن عارضه لا يأمن من شرّه ، فمن ثمّ أجابه بكلمات مجملة لا تصرّح بالإمامة ولا تبطل قول الناس فيه ، ولذا قال المنصور " هذا قد حالني على بحر موّاج لا يدرك طرفه " . 3 - إِن قول الشيعة في الإمام من ذلك اليوم على ما هو عليه اليوم ، وهذا ما تقتضيه أصول المذهب ، وتدلّ عليه أخبار أهل البيت وآثارهم . 4 - إِن سكوت الإمام الصادق وعدم إِبطاله لأن يكون كما يقول الناس برهان على أن حقيقة الإمامة كما يحكيها المنصور عن الناس ، ولو كانت حقيقتها غير هذا لقال الصادق : إِن هذا الرأي والقول باطل ، بل لوجب عليه إِعلام الناس ببطلانه وردعهم عن هذا المعتقد . 5 - إِن القائل بإمامة الصادق عليه السّلام خلق كثير من الناس ، ممّا جعل المنصور يفكّر فيه ويخشى من اتساعه ومن عقباه ، فحاول أن يتذرّع بالصادق لمكافحته . 6 - إِن المرء بأصغريه ، فالإمام الصادق لو لم تسبق الأخبار والآثار عن منزلته ، لكان في مثل كلامه ومثل موقفه هذا دلالة على ما له من مقام ، أتراه كيف حاد عن جواب المنصور بما حيّره ، دون أن يصرّح بخلاف ما حكاه عن الشيعة ، ودون أن يصرّح بصحّة ما يرون ، وكيف وعيت ذلك البيان منه عن نفسه ، ببليغ من القول ، وجليل من المعنى ، وكيف وعظ المنصور بما يوافق شأن الملوك ، وما يتفق وابتلاءهم كثيراً ؟ وهذا بعض ما يمكن استنباطه من هذا الموقف وفهم حال الناس ذلك اليوم ،