وكفى به عن سواه . ودخل على المنصور في إِحدى جيئاته فاستقبله الربيع بالباب وقال له : يا أبا عبد اللّه ما أشدّ تلظّيه عليك لقد سمعته يقول : واللّه لا تركت له نخلاً إِلا عقرته ، ولا مالاً إِلا نهبته ، ولا ذرّية إِلا سبيتها ، فلمّا دخل وسلّم وقعد قال له المنصور : أما واللّه لقد هممت ألا أترك لكم نخلاً إِلا عقرته ، ولا مالاً إِلا أخذته ، فقال له الصادق عليه السّلام : يا أمير المؤمنين إِن اللّه عزّ وجل ابتلى أيوب فصبر ، وأعطى داود فشكر ، وقدر [1] يوسف فغفر ، وأنت من ذلك النسل ولا يأتي ذلك النسل إِلا بما يشبهه ، فقال : صدقت قد عفوت عنكم ، فقال الصادق : إِنه لم ينل أحد منّا أهل البيت دماً إِلا سلبه اللّه مُلكه ، فغضب لذلك واستشاط ، فقال : على رسلك إِن هذا المُلك كان في آل أبي سفيان فلمّا قتل يزيد حسيناً عليه السّلام سلبه اللّه مُلكه ، فورثه آل مروان فلمّا قتل هشام زيداً سلبه اللّه ملكه فورثه مروان بن محمّد ، فلمّا قتل مروان إبراهيم الإمام سلبه اللّه مُلكه وأعطاكموه فقال : صدقت [2] . أقول : إِن الصادق عليه السّلام ما اعتذر عن قوله الأول ، وإنما جاء بالشواهد عليه ، سوى إنه استعرض ذكر أخيه إِبراهيم ليكفّ بذلك شرّه . وللصادق عليه السّلام مواقف كثيرة على غرار ما ذكرناه اجتزينا عنها بما أوردناه . وكانت للصادق عليه السّلام مواقف مع بعض ولاة المنصور ورجاله تشبه
[1] أي جعله قادراً على الانتقام من إخوته . [2] الكافي : كتاب الدعاء ، باب الدعاء للكرب والهمّ والحزن : 2 / 563 .