جعفر عليه السّلام ومتعجّب ممّا أراده المنصور وما صار إليه من كفايته ودفاعه ، ولا عجب من أمر اللّه عزّ وجل فلمّا صرنا في الصحن قلت : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لا عجب ممّا عمل عليه هذا في بابك ، وما أصارك اللّه إليه من كفايته ودفاعه ، ولا عجب من أمر اللّه عزّ وجل ، وقد سمعتك تدعو عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو إِلا أنه طويل ، ورأيتك حرّكت شفتيك ههنا أعني الصحن بشيء لم أدر ما هو ، فقال لي : أمّا الأوّل فدعاء الكرب والشدائد ، لم أدعُ به على أحد قبل يومئذٍ ، جعلته عوضاً ، من دعاء كثير أدعو به إِذا قضيت صلاتي ، لأني لم أترك أن أدعو ما كنت أدعو به ، وأمّا الذي حرّكت به شفتي فهو دعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوم الأحزاب ، حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال : لمّا كان يوم الأحزاب كانت المدينة كالإكليل من جنود المشركين وكانوا كما قال اللّه عزّ وجل : " إِذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم " [1] ثمّ ذكر الدعاء ، ثمّ قال : لولا الخوف من أمير المؤمنين لرفعت إليك هذا المال ، ولكن قد كنت طلبت منّي أرضي بالمدينة وأعطيتني بها عشرة آلاف دينار فلم أبعك وقد وهبتها لك ، قلت : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِنما رغبتي في الدعاء الأوّل والثاني ، فإذا فعلت هذا فهو البرّ ولا حاجة لي الآن في الأرض ، فقال لي : إِنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا ، نحن ننسخك الدعاء ونسلم إليك الأرض صر معي إِلى المنزل فصرت معه كما تقدّم المنصور به ، وكتب لي بعهد الأرض وأملى عليّ دعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وأملى عليّ الذي دعاه بعد الركعتين ثمّ قال : فقلت : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لقد كثر إستحثاث المنصور واستعجاله إِيّاي وأنت تدعو بهذا الدعاء الطويل متمهّلاً كأنّك لم تخفه ، قال : فقال لي : نعم قد كنت أدعو بعد صلاة الفجر بدعاء لا بدّ منه ، فأمّا الركعتان فهما صلاة الغداة خفّفتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما ، فقلت له : ما خفت أبا جعفر وقد أعدَّ لك ما أعدّ ، قال : ما أعدّ ! خيفة اللّه دون خيفته ، وكان اللّه عزّ وجل في صدري أعظم منه ، قال الربيع : كان في قلبي ما رأيت