من المنصور ومن غضبه وحنقه على جعفر ومن الجلالة في اتساعه ما لم أظنّه يكون في بشر ، فلمّا وجدت منه خلوة وطيب نفس قلت : يا أمير المؤمنين رأيت منك عجباً ، قال : ما هو ؟ قلت : يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر غضباً لم أرك غضبته على أحد قط ، ولا على عبد اللّه بن الحسن ولا على غيره من كلّ الناس حتّى بلغ بك الأمر أن تقتله بالسيف وحتّى أنك أخرجت من سيفك شبراً ثمّ أغمدته ، ثمّ عاتبته ثمّ أخرجت منه ذراعاً ، ثمّ عاتبته ثمّ أخرجته كلّه إِلا شيئاً يسيراً ، فلم أشكّ في قتلك له ، ثمّ انحلّ ذلك كلّه ، فعاد رضى حتّى أمرتني فسّودت لحيته بالغالية التي لا يتغلّف منها إِلا أنت ولا تغلّف منها ولدك المهدي ولا مَن ولّيته عهدك ، ولا عمومتك ، وأجزته وحملته وأمرتني بتشييعه مكرماً ، فقال : ويحَك يا ربيع ، ليس هو ممّا ينبغي أن تحدّث به وستره أولى ، ولا أحبّ أن يبلغ ولد فاطمة فيفخرون ويتيهون بذلك علينا ، حسبنا ما نحن فيه ولكن لا أكتمك شيئاً ، انظر إلى من في الدار فنحّهم ، قال : فنحّيت كلّ مَن في الدار ، ثمّ قال لي : ارجع ولا تبق أحداً ، ففعلت ، ثمّ قال : ليس إِلا أنا وأنت ، واللّه لئن سمعت ما ألقيه عليك من أحد لأقتلنّك وولدك وأهلك أجمعين ، ولآخذنّ مالك ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أعيذك باللّه ، قال : يا ربيع كنت مصرّاً على قتل جعفر ، ولا أسمع له قولاً ، ولا أقبل له عذراً ، فلمّا هممت به في المرّة الأولى تمثّل لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فإذا هو حائل بيني وبينه باسط كفّيه حاسر عن ذراعيه قد عبس وقطب في وجهي ، فصرفت وجهي عنه ، ثمّ هممت به في المرّة الثانية وانتضيت من السيف أكثر ممّا انتضيت منه في المرّة الأولى فإذا أنا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد قرب منّي ودنا شديداً وهمّ بي لو فعلت لفعل فأمسكت ، ثمّ تجاسرت وقلت : هذا من فعل الربيء [1] ثمّ انتضيت السيف في الثالثة فتمثّل لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله باسطاً ذراعيه قد تشمّر واحمّر وعبس وقطب ، حتّى كاد أن يضع يده عليّ فخفت واللّه لو فعلت لفعل ، وكان منّي ما رأيت ، هؤلاء من