محمّد [1] فإن يظفر فإن الأمر لي وإن تكن الأخرى فكنت قد أحرزت [2] نفسي ، أما واللّه لأقتلنّه ، ثمّ التفت إلى إبراهيم بن جبلة فقال : يا ابن جبلة قم إليه فضع في عنقه ثيابه ثم ائتني به سحباً ، قال إِبراهيم : فخرجت حتّى أتيت منزله فلم أصبه ، فطلبته في مسجد أبي ذر فوجدته على باب المسجد ، قال : فاستحييت أن أفعل ما أمرت به ، فأخذت بكمّه فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فقال : إنّا للّه وإِنّا إليه راجعون ، دعني حتّى أصلّي ركعتين ثمّ بكى بكاءً شديداً وأنا خلفه ، ثم قال : اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب ورجائي في كلّ شدّة . الدعاء ، ثمّ قال : اصنع ما أمرت به ، فقلت : واللّه لا أفعل ولو ظننت أني اُقتل ، فذهبت به لا واللّه ما أشكّ إِلا أنه يقتله قال : فلمّا انتهيت إلى باب الستر قال : يا إِله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وإِله إبراهيم وإسحق ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله تولّ في هذه الغداة عافيتي ولا تسلّط عليّ أحداً من خلقك بشيء لا طاقة لي به ، قال إبراهيم : ثمّ أدخلته عليه ، قال : فاستوى جالساً ، ثمّ أعاد عليه الكلام ، فقال : قدّمت رِجلاً وأخّرت أخرى ، أما واللّه لأقتلنّك ، فقال : يا أمير المؤمنين ما فعلت فارفق بي لقلّما أصحبك ، فقال له أبو جعفر : انصرف ، قال : ثمّ التفت إلى عيسى بن علي [3] فقال : يا أبا العبّاس إلحقه فاسأله أبيَ أم به ، قال : فخرج يشتدّ حتّى لحقه ، فقال : يا أبا عبد اللّه إِن أمير المؤمنين يقول لك : أبِك أم به ؟ فقال : لا بل بي ، فقال أبو جعفر : صدق [4] .
[1] ابن عبد اللّه بن الحسن وينبغي أن تكون هذه الحجّة عام 144 قبل خروج محمّد ، ولعلّ الأولتين كانتا عام 140 و 147 ، ولا يلزم من ترتيب بيان الشريف ابن طاووس أن يكون على ترتيب السنين ، لا سيمّا وهو لم يتعّرض لسنة الحجّ متى كانت . [2] حفظت . [3] ابن عبد اللّه بن العبّاس وهو عمّ المنصور . [4] إن هذا الكلام ظاهر في أنه بالقرب من وفاة الصادق عليه السلام فتكون الحجّة عام 147 ، إِلا أن تصريحه أولاً في أن كلامه كان قبل خروج محمّد يعيّن أن تكون الحجّة عام 144 ، ومن الغريب أنّ يصدّق المنصور كلام الصادق بعد أن يسأله أن البدأة بمن ، وهو يلاقيه بما يلاقيه من سوء ومكروه .