نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ( ص ) والثلاثة الخلفا نویسنده : سليمان بن موسى الكلاعي جلد : 1 صفحه : 193
يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة . ثم انصرفوا ، حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود . فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا . فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان فى بيته فقال : أخبرنى يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال : يا أبا ثعلبة ، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها . قال الأخنس : وأنا والذى حلفت به ، ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال : يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا سمعت ؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطمعوا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسى رهان قالوا : منا نبى يأتيه الوحى من السماء ! ! . فمن يدرك هذه ؟ ! والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه . فقام عنه الأخنس وتركه « 1 » . قال ابن إسحاق « 2 » : وكان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم إذا تلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الله قالوا يستهزئون به : قلوبنا فى أكنة لا نفقه ما تقول ، وفى آذاننا وقر لا نسمع ما تقول ، ومن بيننا وبينك حجاب قد حال بيننا وبينك ، فاعمل بما أنت عليه إنا عاملون بما نحن عليه ، إنا لا نفقه عنك شيئا ، فأنزل الله عليه فى ذلك من قولهم : وإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً إلى قوله : وإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً [ الإسراء : 45 ، 46 ] . أى كيف فهموا توحيدك ربك ، إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة وفى آذانهم وقرا وبينك وبينهم حجابا بزعمهم ؟ أى أنى لم أفعل . نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً [ الإسراء : 47 ] . أى ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم . انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا [ الإسراء : 48 ] ، أى أخطأوا المثل الذى ضربوا لك ، فلا يصيبون
( 1 ) ذكره ابن كثير فى تفسيره ( 5 / 81 ) . ( 2 ) انظر : السيرة ( 1 / 261 - 262 ) .
193
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ( ص ) والثلاثة الخلفا نویسنده : سليمان بن موسى الكلاعي جلد : 1 صفحه : 193