وهو أمر عجيب وغريب ، أفلا يدخل الإغضاب في الأذى الذي هو مدلول قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً ) * [1] . إن هذه الآية ظاهرة الدلالة على أن أذى النبي يوجب اللعنة في الدنيا والآخرة ، والعذاب المهين . وإغضاب النبي أليس أذى له ؟ ! . . وهذه الآية لم تفرق بين الأذى عن اجتهاد وتأويل وحسن نية ، وبين الأذى عن غير اجتهاد . وهل الاجتهاد والتأويل سائغ فيما يغضب الله ورسوله ؟ ! . وحين يشعر المؤذي بغضب الله ورسوله ، ألا يفترض فيه أن يتراجع ، وينقاد ويستسلم . . لما يريده الله ورسوله منه ، لتزول اللعنة عنه ؟ ! أم يبقى مصراً على اجتهاده وتأويله ؟ ! . . فهل تراجع أبو بكر عن اجتهاده ، لكي لا يؤذي الله ورسوله بأذى فاطمة ؟ أم بقي مصراً عليه ؟ ! . . واستمر هذا الغضب وهذا الأذى إلى حين الموت ، حتى أوصت أن تدفن ليلاً ولا يحضر من آذاها جنازتها ؟ ! . وهل هذا التفريق بين أنواع الأذى إلا من قبيل التبرع ، والاقتراح ، والاجتهاد ، في مقابل ظهور النص وإطلاقه وعمومه ؟ ! . وإذا لم يكن تبرعاً واقتراحاً ، فنحن نطالب بالشاهد الدلالي عليه . .