ولكنه استدلال باطل ؛ لأن المقصود بهذه الروايات ، هو خصوص الحوادث الاجتماعية ، والسنن التاريخية ، بصورة كلية ، وعامة . . وإلا . . فإن كثيراً من الأمور ، قد حدثت في الأمم السالفة ، دون هذه الأمة ، وذلك مثل : عبادة العجل . . وتيه بني إسرائيل . . وغرق فرعون . . وملك سليمان . . ورفع عيسى . . وموت هارون وهو الوصي قبل موسى النبيّ . . وعذاب الاستئصال . . وولادة عيسى من غير أب . . وقصة أهل الكهف ، وقصة الذي أماته الله مئة عام ، ثم بعثه . . وغير ذلك . . فلو صحت الرواية . . فهي تدل على وجود شبه ما بين ما يقع في هذه الأمة ، وما يقع في الأمم السالفة ، من بعض الوجوه . فالتحريف الذي وقع في الأمم السالفة ، قد وقع نظيره في هذه الأمة ، ولكنه كان تحريفاً في معاني القرآن ، وحدوده ، وإن كانوا قد أقاموا حروفه . . والنتيجة المتوخاة من التحريف الواقع ، في هذه الأمة ، وفي الأمم الخالية ، واحدة . . ومما يدل على وجوب صون القرآن من التحريف في حروفه : أنه المعجزة الخالدة ، فلا بد - بعد إثبات صفتي الإعجاز ، والخلود له - من حفظه ليبقى إعجازه ، أما الكتب السالفة ، فلم تكن هي معجزة الأنبياء أصلاً ، فضلاً عن أن تكون معجزة خالدة ، فلا يجب تكفل حفظها منه تعالى . .