ويكون هذا الترتيب البياني بين الضلال والهدى ، لا يستبطن التدرج في الوجود الخارجي ، بمعنى أن يتجسد ضلال ، ثم تأتي الهداية فتزيله . . بل هو ترتيب قد جاء في دائرة تمكين الناس من إدراك معنى الهدايات ، والنعم ، و التفضلات الإلهية على النبي الأقدس ( صلى الله عليه وآله ) . . أي أنه ترتيب نشأ عن السعي إلى التجزئة بين المدركات ، وتلمُّس الحدود القائمة فيما بينها ، بالاستناد إلى التحليل العقلي ، بهدف تيسير إدراك الحقائق بصورة أعمق وأتم . من نتائج ما تقدم : وهكذا . . فإننا نحسب بعد هذا البيان أن بإمكاننا القول لتكن هذه الآية المباركة واحداً من الأدلة الظاهرة على أن الله سبحانه منذ خلق نبينا الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) كان قد أعطاه جميع الهدايات التي يحتاجها ، والتي توصله إلى الغايات الإلهية . . ولا بد أن يكون من بينها هداية الإلهام والوحي والتشريع . وذلك هو ما يفرضه إطلاق قوله تعالى : * ( فَهَدَى ) * . بل ربما يستفاد ذلك أيضاً من قوله تعالى ، خطاباً للمشركين * ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى ) * [1] . حيث إن الآية قد نفت عنه ( صلى الله عليه وآله ) الضلال مطلقاً وفي