المهلة ، فلم يقل : ( ثم ) * ( أَغْنَى ) * . . ثالثاً : بالنسبة لقوله تعالى : * ( وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ) * . نقول : إن ما ذكرناه فيما سبق يوضح المراد بقوله : * ( وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ) * . فإنه تعالى بمجرد أن خلق نبيه روحاً أولاً ، ثم روحاً وجسداً تالياً قد وجده في جميع مراحل وجوده محتاجاً إلى أنواع الهدايات ، فأفاضها عليه مباشرة ، ومنذ اللحظة الأولى ، وبلا مهلة ، كما دل عليه التعبير بالفاء في قوله : * ( فَهَدَى ) * حيث لم يقل : ( ثم ) * ( هَدَى ) * . . فأعطاه الهداية التكوينية ، بمجرد ظهور حاجته إلى هذه الهداية . . وأعطاه أيضاً هداية الفطرة . . وأعطاه هداية العقل . . وأعطاه هداية التشريع والإلهام والوحي . . ويتجلى أثر هذه الهدايات في موقع الحاجة في نطاق سعيه الدائب ، وتطلبه المستمر للوصول إلى مواضع القرب ، والحصول على مواقع الزلفى . . فإذا كان الله تعالى يجد حاجة نبيه إلى الهداية من دون حاجة إلى الزمان ، لأنه لا يمكن أن يغيب عنه تعالى شيء . . ثم هو يفيض الهدايات عليه مباشرة أيضاً وبلا فصل ولا مهلة . فذلك يعني أن الله سبحانه قد منحه هداية لم يسبقها ضلال ، ولو للحظة واحدة .