عمله كان النقصان في عقله ومن كان نقصان في عمله وعقله فالموت خير له من حياته واعلم يا أخي أن العقلاء العارفين بالله المجتهدين في تحصيل رضاء الله تراهم عامة ليلهم بذكر ربهم يتلذذون وفي عبادته يتقلبون ما بين صلاة نافلة وقراءة سورة وتسبيح واستغفار ودعاء وتضرع وابتهال وبكاء من خشيته لا ينامون من ليلهم إلا ما غلبوا وما أراحوا به أبدانهم فهم الرجال الأخيار ووصفك وصف اغترار جيفة بالليل بطال بالنهار تعتذر في ترك القيام بالليل بأعذار كاذبة تقول أنا ضعيف القوى أنا تاعب بكدر الدنيا بي مرض وصداع وتحتج بالبرد في الشتاء والحر في الصيف وهذه أعذار كاذبة ولو أن سلطانا أعطاك دينارا أو كسوة وأمرك أن تقف ببابه تحرسه بالليل لبادرت إلى ذلك لا بل لو قال لك خذ سلاحك وأخرج قدامي تحارب عدوي لبذلت روحك العزيزة وإن قتلت وكم من إنسان يأخذ درهما أجرة له على حراسة زرع غيره أو ثمرة غيره ويسهر الليل كله في برد شديد وحر عظيم ولو أنك أردت سفرا أو عملا من أعمال الدنيا لسهرت عامة الليل في تعبئة أشغالك وتحفظ تجارتك ولم تعتذر بتلك الأعذار عن خدمة ربك وهذا يدل على كذبك وضعف يقينك بما وعد الله العاملين بالثواب والجنة على الطاعة فإنك قد أطعت في ذلك نفسك الأمارة بالسوء وأطعت إبليس وقد حذرك الله من طاعته فقال تعالى إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ وقال تعالى الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا فاحذر نفسك يا أخي من طول الرقاد واعبد ربك حتى تبلغ منه المراد ولله در بعض الزهاد حيث قال شعرا حبيبي تجاف من المهاد * خوف من الموت والمعاد من خاف من سكرة المنايا * لم يدر ما لذة الرقاد قد بلغ الزرع منتهاه لا بد للزروع من حصاد فاستيقظ يا أخي من رقدتك فقد مضى من عمرك أكثره في غفلة ونوم ولا تنس نصيبك من قيام لله فيما بقي من عمرك لتكون خاتمتك خاتمة خير فاغتنمها تغنم ولا تغفل عنها فتندم فقد سمى الله تعالى يوم القيامة يوم الحسرة والندامة وسماها في موضع آخر يوم التغابن