سيرهما لحظة واشتغلت عن الصلاة والذكر لحظة أخرى ذهبت ساعات النهار كلها في غفلة ثم جاء الليل فإن نمته كله كنت ممن لا خير فيه ليلا ولا نهارا ومن كان هذا حاله فموته خير له من حياته لأنه قد مات قلبه ولا خير في حياة جسد قد مات قلبه ولله در القائل شعرا أيقظان أنت اليوم أم أنت نائم * وكيف النوم حيران هائم فلو كنت يقظان الغداة لحرقك * مدامع عينيك الدموع السواجم نهارك يا مغرور لهو وغفلة * وليلك نوم والردى لك لازم وسعيك مما سوف تكره عنده * وعيشك في الدنيا كعيش البهائم تسر بما يفنى وتفرح بالمنى * كما سر باللذات في النوم حالم فلا أنت في اليقظان يقظان ذاكر * ولا أنت في النوم ناج وسالم ثم قال يا جيفة بالليل بطالة بالنهار تعمل عمل الفجار وأنت تطلب منازل الأبرار هيهات هيهات كم تضرب في حديد بارد وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قليل من بني آدم إلا وفي غفلة ونقص ألا ترى إذا نمى له مال بالزيادة فيسر بذلك وهذا الليل والنهار يجريان بطي عمره فلا يهمه ذلك لا يحزنه وما يغني عنه مال يزيد وعمر ينقص وقد قيل لرجل أن فلانا استفاد مالا فقال له فهل استفاد أياما يتفقه فيها وقيل إن لله ملكا ينادي يا أبناء الخمسين زرع قد دنا حصاده ويا أبناء الستين ما ذا قدمتم لأنفسكم من العمل الصالح وما ذا أخرتم من أموالكم من لا يترحم عليكم ويا أبناء السبعين عدوا أنفسكم من الموتى ليت الخلائق لم يخلقوا وليتهم إذ خلقوا علموا لما ذا خلقوا فاعرف يا أخي ذلك وبادر لعمل الخير ثم بادر قبل أن ينزل بك ما تحاذر ولا يلهيك أحد من الناس عن صلاتك ودعائك وذكرك ربك فيرفعان الملكان رقيب وعتيد دون ما كان يرفعان من عملك من قبل والله لا يرضى منك بذلك بل يريد من عبده أن يزيد كل يوم في طاعته أكثر مما كانت وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان غده شرا فهو ملعون ومن لم يتفقد النقصان في