الثناء وذهب الناس وبقي حثالة من الناس ويوشك أن تدعوا فلا تجابوا ويظهروا عليكم أيدي المشركين فلا تغاثوا فأعدوا الجواب فإنكم مسؤولون والله لو تكاشفتم ما تدافنتم فاتقوا الله وقدموا فضلكم فإن من كان قبلكم كانوا يأخذون من الدنيا بلاغهم ويأثرون بفضل ذلك إخوانهم المؤمنين ومساكينهم وأيتامهم وأراملهم فانتبهوا من رقدتكم فإن الموت فضح الدنيا ولم نجعل لذي عقل فسحا واعلموا أنه من عرف ربه أحبه فأطاعه ومن عرف عداوة الشيطان عصاه ومن عرف الدنيا وغدرها بأهلها زهد فيها وأن المؤمن ليس بذي لهو ولا غفلة وإنما همته التفكر والاعتبار وشعاره الذكر قائما وقاعدا وعلى كل حال نطقه ذكر وصمته فكر ونظره اعتبار لأنه يعلم أنه يصبح ويمسي بين أخطار ثلاثة إما ببلية نازلة أو نعمة زائلة أو منية قاضية ولقد كدر ذكر الموت عيش كل عاقل فعجبا لقوم نودي فيهم بالرحيل وهم غافلون عن التزود ولقد علموا أن لكل سفر زاد لا بد منه حبس أولهم عن آخرهم وهم لاهون ساهون وروي في قوله تعالى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا عن يحيى عليه السلام أنه كان له سبع سنين فقال له الصبيان امض معنا نلعب فقال ليس للعب خلقنا وقال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا قال لا تنس صحتك وقوتك وشبابك وغناك ونشاطك أن تطلب الآخرة وقال آخرون هو الكفن من جميع ما تملك لا تنس أنه هو نصيبك من الدنيا كلها لو ملكتها وقال علي بن الحسين عليه السلام أعظم الناس قدرا من لم يبال بالدنيا في يد من كانت وقال محمد بن الحنفية من كرمت نفسه عليه هانت الدنيا عنده وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يزداد الزمان إلا شدة والعمر إلا نقصانا والرزق إلا قلة والعلم إلا ذهابا والخلق إلا ضعفا والدنيا إلا إدبارا والناس إلا شحا والساعة إلا قربا يقوم على الأشرار من الناس وقال كان الكنز الذي تحت الجدار عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح وعجبا لمن أيقن بالرزق كيف يحزن وعجبا لمن أيقن بالنار كيف يذنب وعجبا لمن عرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف