إذا كنت تحدث أخا لك لا تلتفت إلى غيره فتعطيه من الأدب ما لا تعطيني فبئس العبد عبد يكون كذلك وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج إلى غنم له وراعيها عريان يفلي ثيابه فلما رآه مقبلا لبسها فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم امض فلا حاجة لنا في رعايتك فقال ولم ذلك فقال إنا أهل بيت لا نستخدم من لا يتأدب مع الله ولا يستحي منه في خلوته وإنما فعل ذلك لأن الراعي أعطاه فوق ما أعطى ربه وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم سلم عليه غلام دون البلوغ وبش له وتبسم فرحا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له أتحبني يا فتى فقال إي والله يا رسول الله فقال له مثل عينيك فقال أكثر فقال مثل أبيك فقال أكثر فقال مثل أمك فقال أكثر فقال مثل نفسك فقال أكثر والله يا رسول الله فقال أمثل ربك فقال الله الله الله يا رسول الله ليس هذا لك ولا لأحد فإنما أحببتك لحب الله فالتفت النبي إلى من كان معه وقال هكذا كونوا أحبوا الله لإحسانه إليكم وإنعامه عليكم وأحبوني لحب الله فاختبر صلى الله عليه وآله وسلم على صحة أدبه في المحبة لله تعالى فالأدب مع الله بالاقتداء بآدابه وآداب نبيه وأهل بيته عليه السلام وهو العمل بطاعته والحمد لله على السراء والضراء والصبر على البلاء ولهذا قال أيوب عليه السلام رب أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فقد تأدب هنا من وجهين أحدهما إنه لم يقل إنك أمستني بالضر والآخر لم يقل ارحمني بل عرض تعريضا فقال وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وإنما فعل ذلك حفظا لمرتبة الصبر وكذا قال إبراهيم وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ولم يقل إذا مرضتني حفظا للأدب وقال أيوب عليه السلام في موضع آخر أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ أشار بذلك إلى الشيطان لأنه كان يغري الناس فيؤذونه وكل ذلك تأدب منهم مع الله تعالى في مخاطبتهم وقوم آخرون افتروا عليه سبحانه ونسبوا إليه من القبيح ما نزهوا عنه آباءهم وأمهاتهم وقالوا