فينطلق به إلى الجنة فيدخله فيها برحمة الله وفضله وكرامته لعبده الفقير المؤمن وروي أن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بسبعين خريفا وأما الغني فإنه مطغى لقوله تعالى إِنَّ الإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى وما يجمع الغني المال إلا لنعيم الدنيا ولذاتها وإترافها وقد قال الله تعالى أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ فوعدهم بالعذاب وعيرهم بالتكاثر بقوله تعالى أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ يعني عن العبادة والزهد وروي عن الصادق عليه السلام أن رجلا فقيرا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده رجل غني فكف ثيابه وتباعد عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما حملك على ما صنعت أخشيت أن يلصق فقره بك أو يلصق غناك به فقال يا رسول الله أما إنك إذا قلت هذا فله نصف مالي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للفقير أتقبل منه قال لا قال ولم قال أخاف أن يدخلني ما دخله واعلم أن إحياء دين الله وإعزاز كلمته وامتثال أوامر الرسل والشرائع ونصرة الأنبياء وانتشار دعوتهم من لدن آدم إلى زمان نبينا محمد لم تقم إلا بأولى الفقر والمسكنة أولا تسمع إلى ما قص الله عليك في كتابه العظيم على لسان نبيه الكريم وبين لك أن المتصدي لإنكار الشريعة هم الأغنياء المترفون والأشرار المتكبرون فقال مخبرا عن قوم نوح إذ عيروه أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا يعني بذلك الفقراء منا وقالوا لشعيب عليه السلام وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً أي فقيرا وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ وقال المستكبرون من قوم صالح للذين استضعفوا أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ وقال فرعون مزريا لموسى عليه السلام ومفتخرا عليه فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وقالوا لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وكفى بها كله مدحا للفقراء الراضين وذما للأغنياء المتكبرين