وسراجي القمر وإدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام أبيت وليس معي شيء وأصبح وليس لي شيء وليس على وجه الأرض أحد أغنى مني وأما نوح عليه السلام مع كونه شيخ المرسلين وعمر في الدنيا مديدا ففي بعض الروايات أنه عاش ألفي عام وخمسمائة عام ومضى من الدنيا ولم يكن بنى فيها بيتا وكان إذا أصبح يقول لا أمسي وإذا أمسى يقول لا أصبح وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإنه خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة ورأى رجلا يبني بيتا بجص وآجر فقال الأمر أعجل من هذا . وأما إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء فقد كان لباسه الصوف وأكله الشعير . وأما يحيى بن زكريا عليه السلام فكان لباسه الليف وأكله ورق الشجر . وأما سليمان عليه السلام فقد كان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر وإذا جاء الليل شد يديه إلى عنقه فلا يزال قائما حتى يصبح باكيا وكان قوته من سفائف الخوص يعملها بيده وإنما سأل الله الملك لأجل القوة والغلبة على ملوك الكفار ليقهرهم بذلك وقيل سأل الله القناعة . وأما سيد البشر محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فقد عرفت ما كان من طعامه ولباسه وقيل إنه صلى الله عليه وآله وسلم أصابه يوما الجوع فوضع حجرا على بطنه ثم قال ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين ألا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم ألا رب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة في الآخرة ناعمة يوم القيامة ألا رب نفس كاسية ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة ألا رب متخفض متنعم فيما أفاء الله على رسوله ما له في الآخرة من خلاق ألا إن عمل أهل الجنة جنة بربوة ألا إن عمل أهل النار كلمة سهلة بشهوة ألا رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا يوم القيامة وأما علي سيد الوصيين وتاج العارفين وصنو رسول رب العالمين فحاله في الزهد والتقشف أظهر من أن يحكى . قال سويد بن غفلة دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بعد ما بويع بالخلافة