والشكر والحمد والثناء على الله أعطاه الله أفضل ما يعطي السائلين فإنه تعالى يقول في بعض كتبه إذا شغل عبدي ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وينبغي أن يكون الداعي بلسانه راضيا بقلبه فيما يجري له وعليه ليجمع بين الأمرين الرجاء والرضا ولا ينبغي للعبد أن يمل والتطويل له أفضل ما لم يتضيق وقت فريضة وفي الخبر أن الله إذا أحب أن يسمع صوت عبده ودعاءه أخر إجابته ويقول يا جبرائيل أخر حاجته فإني أحب تضرعه وسماع صوته وإذا كره سماع صوت عبده قال يا جبرائيل عجل حاجته فإني أكره أن أسمع صوته هذا إذا كان عاصيا وأن العبد ليدعو الله تعالى وهو عليه غضبان فيرده ثم يدعوه فيقول أبى عبدي أن يدعو غيري فقد استجبت له فلا تيأسوا من تأخير الإجابة فإنه كان بين إجابة موسى وهارون في فرعون أربعين سنة من حين قال الله تعالى لهما قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما وروي أن تاجرا كان في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسافر من المدينة إلى الشام ولا يصحب القوافل توكلا على الله فعرض له لص في طريقه فصاح به فوقف فقال له خذ المال ودعني فقال لا غنى لي عن نفسك فقال دعني أتوضأ وأصلي أربع ركعات فقال افعل ما شئت فتوضأ وصلى ثم رفع يديه إلى السماء وقال يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد يا مبدئ يا معيد يا ذا البطش الشديد يا فعالا لما يريد أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك وبرحمتك التي وسعت كل شيء لا إله إلا أنت يا مغيث أغثني يا مغيث صل على محمد وآل محمد وأغثني فإذا هو بفارس على فرس أشهب عليه ثياب خضر وبيده رمح فشد على اللص فطعنه طعنة فقتله ثم قال للتاجر اعلم أني ملك من السماء الثالثة حين دعوت سمعنا أبواب السماء قد فتحت فنزل جبرائيل وأمرني بقتله واعلم يا عبد الله أنه ما دعا بدعائك هذا مكروب ولا محزون إلا فرج الله عنه وأغاثه فرجع التاجر إلى المدينة سالما فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال لقنك الله أسماءه الحسنى التي إذا دعي بها أجاب وإذا سئل بها أعطى قال مصنف هذا الكتاب شمله الله تعالى بواسع رحمته إن من شرائط الدعاء