لرد عليهم كل شارد ولأصلح لهم كل فاسد ولكنهم أخلوا بشكر النعم فسلبوها وإن الله تعالى يعطي النعم بشرط الشكر لها والقيام فيها بحقوقها فإذا أخل المكلف بذلك كان لله التغيير وقال أمير المؤمنين عليه السلام التعلل زكاة البدن والمعروف زكاة النعم وكل نعمة أزيل منها المعروف فمأمونة السلب محصنة من الغير وقال والله ما نزع الله من قوم نعماء إلا بذنوب اجترحوها فأربطوها بالشكر وقيدوها بالطاعة والدعاء مفتاح الرحمة وسراج الزاهدين وشوق العابدين وأقرب الناس إلى الإجابة والرحمة الطائع المضطر الذي لا بد له مما سأله وخصوصا عند نفوذ الصبر وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند فناء الصبر يأتي الفرج وجاءت امرأة إلى الصادق عليه السلام فقالت يا ابن رسول الله إن ابني سافر عني وقد طالت غيبته وقد اشتد شوقي إليه فادع الله لي فقال لها عليك بالصبر فمضت وأخذت صبرا واستعملته ثم جاءت بعد ذلك فشكت إليه فقال لها عليك بالصبر فاستعملته ثم جاءت بعد ذلك فشكت إليه طول غيبة ابنها فقال ألم أقل لك عليك بالصبر فقالت يا ابن رسول الله كم الصبر فوالله لقد فنى الصبر فقال ارجعي إلى منزلك تجدي ولدك قد قدم من سفره فمضت فوجدته قد قدم من سفره فأتت إليه فقالت يا ابن رسول الله أوحي بعد رسول الله قال لا ولكنه قد قال عند فناء الصبر يأتي الفرج فلما قلت قد فنى الصبر عرفت أن الله قد فرج عنك بقدوم ولدك والدعاء إظهار العبد الفاقة والافتقار إلى الله تعالى مع الاستكانة والتذلل والمسكنة والخضوع وإذا فعل العبد ذلك فقد فعل ما عليه من العبودية ولله سبحانه المشيئة في الاستجابة على قدر ما يراه من مصلحة العبد وما يقتضيه العدل والحكمة لأن جوده وكرمه لا يتعديان حكمته فإنه سبحانه لا يمنع لبخل ولا لعدم بل للمصلحة وما تقتضيه الحكمة لا على سؤال العبد فيما يقترحه ويهواه ولهذا قال تعالى وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ لأن الداعي يدعو بما يظنه مصلحة له والله يعمل على ما يعلم كمن دعا الله تعالى أن يعطيه مالا وعلم أنه يطغى به فمنعه إشفاقا عليه ورحمة له فسبحان من عطاؤه كرم ومنعه فضل ومن أكثر من الدعاء والذكر