رجلا عند العرش فغبطه وقال يا رب بم نال هذا ما هو فيه من صنعه تحت ظلال عرشك فقال إنه لم يكن يحسد الناس والحاسد إذا رأى نعمة بهت وإذا رأى عثرة شمت وينبغي لمن أراد السلامة من الحاسد أن يكتم عنه نعمته وأعظم الأخلاق المذمومة الحسد والغيبة والكذب وإذا كان الحاسد همه نشر خصائل المحسود فإنه ينشر فضائله من حيث لا يعلم ولقد أحسن الشاعر في قوله شعرا وإذا أراد الله نشر فضيلة * طويت أتاح لها لسان حسود ولقد أحسن الشاعر أيضا وكيف يرجى ود حسود نعمة * إذا كان لا يرضيه إلا زوالها قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب فلا تحاسدوا وقال أمير المؤمنين عليه السلام ولا تحاسدوا فإن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام قد شهدا بأن الحسد يأكل الإيمان والحسنات فأي شيء يبقى مع العبد بعد ذهاب الإيمان والحسنات فتحرزوا منه تستريح قلوبكم وأبدانكم من التعب والإثم ولقد سرني أني مثلت في نفسي إن عقلي لو تحول إلى رأس غيري لم أحسده إذ قد فات الأمر في ذلك ولم يبق إلا الصبر والاحتساب وأن الحزن والحسد بعد فوات ذلك مصيبة ثانية فتمثلوا رحمكم الله آخر الأمر تستريحوا وتفوزوا فالعاقل يحسب آخر الأمور فيقف عندها ولا يتجاوزها ومتى كان الغالب على القلب الفكر وعلى اللسان الذكر فإن العبد لا يتخلى مع ذلك لحسد ولا لشيء من المعاصي وغيرها إن الذكر والفكر سيف قاطع لكل شيطان من الجن والإنس وجنة واقية من الغفلة وخير الذكر الخفي الباب الحادي والأربعون في الفراسة بنور الله تعالى قال الله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ قيل المتفرسون قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله يعني وهبه الله له