الأرض إلى علو العرش ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش الباب التاسع والثلاثون في المراقبة لله تعالى قال وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك وهذا إشارة إلى المراقبة لأن المراقبة على العبد باطلاع الرب عليه في كل حالاته وملاحظة الإنسان لهذا الحال فهو المراقبة وأعظم مصالح العبد استحضاره مع عدد أنفاسه إن الله تعالى عليه رقيب ومنه قريب يعلم أفعاله ويرى حركاته ويسمع أقواله ويطلع على أسراره وأنه يتقلب في قبضته وناصيته وقلبه بيده وأنه لا طاقة له على التستر عنه ولا على الخروج عن سلطانه قال لقمان لابنه يا بني إذا أردت أن تعصي الله فاطلب مكانا لا يراك فيه إشارة منه له أنك لا تجد مكانا لا يراك فيه فلا تعصه وقال تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وكان بعض العلماء يرفع شابا على تلاميذه كلهم فلاموه في ذلك فأعطى كل واحد منهم طيرا وقال اذبحه في مكان لا يراك فيه أحد فجاؤوا كلهم بطيورهم وقد ذبحوها فجاء الشاب بطيره وهو غير مذبوح فقال له لم لا تذبحه فقال لقولك لا تذبحه إلا في موضع لا يراك فيه أحد ولا يكون مكانا إلا يراني فيه الواحد الأحد الفرد الصمد فقال له أحسنت ثم قال لهم لهذا رفعته عليكم وميزته منكم ومن علامات المراقبة إيثار ما آثر الله وتعظيم ما أعظم الله وتصغير ما صغر الله فالرجاء يحثك على الطاعات والخوف يبعدك عن المعاصي والمراقبة تؤدي إلى طريق الحياء وتحمل من ملازمة الحقائق والمحاسبة على الدقائق وأفضل الطاعات مراقبة الحق سبحانه وتعالى على دوام الأوقات ومن سعادة المرء أن يلزم نفسه المحاسبة والمراقبة وسياسة نفسه باطلاع الله ومشاهدته لها وأنها لا تغيب عن نظره ولا يخرج عن علمه وينبغي للواعظ غيره أن يعظ نفسه قبلهم ولا يغره اجتماع الناس عليه والاستماع منه فإنهم يراقبون ظاهره والله شهيد على ما في باطنه وروي أن