وروي أن عليا عليه السلام اجتاز بقصاب وعنده لحم سمين فقال يا أمير المؤمنين هذا اللحم سمين اشتر منه فقال له ليس الثمن حاضرا فقال أنا أصبر يا أمير المؤمنين فقال له أنا أصبر عن اللحم وإن الله سبحانه وضع خمسة في خمسة العز في الطاعة والذل في المعصية والحكمة في خلو البطن والهيبة في صلاة الليل والغنى في القناعة وفي الزبور القانع غني ولو جاع وعري ومن قنع استراح من أهل زمانه واستطال على أقرانه وجاء في قوله تعالى فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ قال فكها من الحرص والطمع ومن قنع فقد اختار العز على الذل والراحة على التعب قيل إن داود عليه السلام قال يا رب أخبرني بقريني في الجنة في قصري فأوحى الله إليه أن ذلك متى أبو يونس فاستأذن الله تعالى في زيارته فأذن له فأخذ بيد ولده سليمان حتى أتيا موضعه فإذا هو ببيت من سعف فسألا عنه فقيل إنه في الحطابين يقطع الحطب ويبيعه فجلسا ينتظرانه إذ أقبل وعلى رأسه حزمة من حطب فألقاها عنه ثم حمد الله وقال من يشتري مني طيبا بطيب فساومه واحد واشتراه آخر فدنيا منه وسلما عليه فقال انطلقا بنا إلى المنزل وابتاع بما كان معه من طعام ثم وضعه بين حجرين قد أعدهما لذلك وطحنه ثم عجنه في نقير له ثم أجج نارا وأوقدها بالحطب ثم وضع العجين عليها ثم جلس يتحدث معهم هنيهة ثم نهض وقد نضجت خبزته فوضعها في النقير وفلقها ووضع عليها ملحا ووضع إلى جانبه مطهرة فيها ماء وجلس على ركبتيه وأخذ لقمة وكسرها ووضعها في فيه وقال بسم الله الرحمن الرحيم فلما ازدردها قال الحمد لله رب العالمين ثم فعل ذلك بأخرى فأخرى ثم أخذ الماء فشرب منه وحمد الله تعالى وقال لك الحمد يا رب من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته مثل ما أوليتني إذ صححت بدني وسمعي وبصري وجوارحي وقويتني حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه بيدي ولا زرعته بقوتي ولم أهتم بحفظه فجعلته لي رزقا وأعنتني على قطعه وحمله وسقت إلى من اشتراه مني واشتريت بثمنه طعاما لم أزرعه ولم أتعب فيه وسخرت لي حجرا طحنته ونارا أنضجته وجعلت لي شهوة قابلة لذلك فصرت آكله بشهوة وأقوي بذلك على