ووصلت إلى قوله اللهم إني ذكرت الموت وهول المطلع والوقوف بين يديك تغصني مطعمي ومشربي وأغصني بريقي وأقلقني عن وسادي ومنعني رقادي وأخجل حيث لا أجد هذا كله في نفسي فاستخرجت له وجها يخرجه عن الكذب فأضمرت في نفسي أني أكاد أن يحصل عندي ذلك فلما كبرت السن وضعفت القوة وترقب سرعة النقلة إلى دار الوحشة والغربة ما بقي يندفع هذا عن الخاطر فصرت ربما أرجو حتى أصبح إذا أمسيت ولا أمسي إذا أصبحت ولا إذا مددت خطوة أن أتبعها أخرى ولا أن يكون في فمي لقمة أن أسيغها فصرت أقول إلهي إني إذا ذكرت الموت وهول المطلع والوقوف بين يديك تغصني مطعمي ومشربي وغصني بريقي وأقلقني عن وسادي ومنعني رقادي ونغص علي سهادي وابتزني راحة فؤادي إلهي وسيدي ومولاي مخافتك أورثتني طول الحزن ونحول الجسد وألزمتني عظيم الغم والهم ودوام الكبد وأشغلتني عن الأهل والمال والصفد وتركتني مسكينا غريبا وحيدا وإن كنت بفناء الأهل والولد ما أحس بدمعة ترقى من آماقي وزفير يتردد بين صدري والتراقي يا سيدي فرو حزني ببرد عفوك ونفس غمي وهمي ببسط رحمتك ومغفرتك فإني لا آمن إلا بالخوف منك ولا أعن إلا بالذل لك ولا أفوز إلا بالثقة بك والتوكل عليك يا أرحم الراحمين وخير الغافرين الباب الثاني والثلاثون في الخشوع لله سبحانه والتذلل له تعالى قال الله تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ثم فسرهم سبحانه بتمام الآية في سورة المؤمنين فنقول الخشوع الخوف الدائم اللازم للقلب وهو أيضا قيام العبد بين يدي الله تعالى بهم مجموع وقلب مروع . وروي أنه من خشع قلبه لم يقربه الشيطان ومن علامته غض العيون وقطع علائق الشؤون والخاشع من خمدت نيران شهوته وسكن دخان أمله وأشرق نور عظمة الله في قلبه فمات أمله وواجه أجله فحينئذ خشعت جوارحه وسالت عبرته