نام کتاب : مقارنة الأديان ، اليهودية نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 91
وعاشوا بين الأمم تلاحقهم العزلة التي تكلمنا عنها من قبل ، والتي كانت من أبرز خصائصهم ، فأصبحوا ضيوفا ولكنهم كانوا ضيوفا ثقلاء ، وما بالك بضيف يرى نفسه أرقى عنصرا من المضيف وبغريب يفضل نفسه على صاحب الدار ؟ ونقطة مهمة أخرى برزت في عصر التشرد ، تلك أنهم وقد فقدوا وطنهم - حقدوا على كل من له وطن ، وكرهوا الأوطان والمواطنين . ولست أدري هل نستطيع ونحن في بحث علمي أن نلجأ إلى الأدب ليشرح لنا هذه النقطة ، هناك قصية رقيقة للمرحوم أحمد شوقي يصف فيها عصفورتين هزيلتين وقفتا على غصن جاف بالجزيرة العربية ، فمر عليهما نسيم عليل وفد من اليمن ، فتوقف النسيم وتحدث للعصفورتين ، فوصف لهما الزرع والحب والماء باليمن ، وأغراهما بأن يركباه ليأخذهما إلى الرياض هناك ، ولكن العصفورتين ثارتا على النسيم ووصفتاه بأنه لكثرة تنقله لا يعرف حلاوة الأوطان ، وأنه يغريهما بالتمرد على الوطن ليكونا مثله بدون وطن . واختتم شوقي مقطوعته بقوله عن لسان الصعفورتين : يا ريح أنت ابن السبيل * ما عرفت ما السكن هب جنة الخلد اليمن * لا شئ يعدل الوطن وهكذا كان اليهود أعداء لكل الأوطان ولكل من لهم أوطان ، وكأنما كان لسان حالهم يهتف : لماذا فقدنا - دون الناس - وطننا ؟
91
نام کتاب : مقارنة الأديان ، اليهودية نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 91