نام کتاب : مقارنة الأديان ، المسيحية نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 120
وهي ذات العبارة المعلنة في التوراة كما ذكرنا ، ومما تقدم نعلم بجلاء أن المسمى بكلمة الله والمسمى بروح الله في نصوص التوراة هما المسيح والروح القدس المذكوران في الإنجيل ، فما لمحت به التوراة صرح به الإنجيل كل التصريح ، وأن وحدة الجوهر لا يناقضها تعدد الأقانيم [1] ، وكل من أنار الله ذهنه وفتح قلبه في فهم الكتاب المقدس لا يقدر أن يفسر ( الكلمة ) بمجرد أمر من الله أو قول مفرد ، ولا يفسر ( الروح ) بالقوى التأثيرية ، بل لا بد له أن يعلم أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم متساوية في الكمالات الإلهية ، ومتميزة في الاسم والعمل ، والكلمة والروح القدس اثنان منها ، ويدعى الأقنوم الأول الأب ، ويظهر من هذه التسمية أنه مصدر كل الأشياء ومرجعها ، وأن نسبته للكلمة ليست صورية ، بل شخصية حقيقية ، ويمثل للأفهام محبته الفائقة وحكمته الرائعة ، ويدعي الأقنوم الثاني الكلمة لأنه يعلن مشيئته بعبارة وافية ، وأنه وسيط المخابرة بين الله والناس ، ويدعى أيضا الابن ، لأنه يمثل للعقل نسبة المحبة ، والوحدة بينه وبين أبيه ، وطاعته الكاملة لمشورته ، وللتمييز بين نسبته هو إلى أبيه ونسبة كل الأشياء إليه ، ويدعى الأقنوم الثالث الروح القدس للدلالة على النسبة بينه وبين الأب والابن ، وعلى عمله في تنوير أرواح البشر ، وحثهم على طاعته ، وبناء على ما تقدم يظهر جليا أن عبارة الابن لا تشير كما فهم بعضهم خطأ إلى ولادة بشرية ، ولكنها نصف سرية فائقة بين أقنوم وآخر في اللاهوت الواحد ، وإذا أراد الله أن يفهمنا تلك النسبة لم تكن هناك عبارة أنسب من الابن للدلالة على المحبة والوحدة في الذات ، والإبانة للمشورة الإلهية ، وأما من حيث الولادة البشرية فالله منزه عنها ، ولأجل هذه الإيضاحات الجليلة
[1] يرد السيد عبد الأحد داود على دعوى أن الوحدة لا تنافي التثليث بقوله : تدعي الكنيسة أن الثالوث لم يتشكل من ثلاثة آلهة ، ولكنها ما دامت تعترف بوجود نسبة بين الأقانيم ، وأن لكل منها صفات وواجبات ليست للآخرين فمعنى هذا هو التغاير وعدم الكمال لكل منها وحده ، وصفة النقص هذه تنافي الألوهية ( أنظر الإنجيل والصليب ص 9 ) .
120
نام کتاب : مقارنة الأديان ، المسيحية نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 120