نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 81
فأما الدعوة الأولى فلم يعول فيها إلا على تنبيه العقل البشري ، وتوجيه النظر في الكون ، واستعمال القياس الصحيح ، والرجوع إلى ما حواه الكون من النظام والترتيب ، وتعاقب الأسباب والمسببات ، ليصل بذلك إلى أن للكون صانعا ، واجب الوجود ، عالما حكيما قادرا [1] . وقد حصلت لي تجربة خاصة في التدليل على وجود الله ، سأقصها هنا كما حدثت مع شئ من الايجاز بقدر الطاقة . كنت في زيارة رسمية لأحد أقاليم إندونيسيا حيث أمضيت عشرة أيام ، وقد نظم لي مكتب الوزارة عدة اجتماعات خاصة وعامة لإلقاء محاضرات على المدرسين والهيئات والجماهير ، وفي ذلك الإقليم كانت هناك رابطة للذين تلقوا علومهم في الغرب ، أو اتجهوا بأفكارهم إلى الثقافة الغربية ، وخلال الأيام الأولى لزيارتي لم يهتم أفراد هذه الرابطة بمحاضراتي ولم ينضموا للجماهير الغفيرة التي كانت تحضرها ، وحجتهم في مقاطعة هذه المحاضرات اعتقادهم أن المحاضر يتحدث عن الدين كما تعود كثير من الشيوخ أن يفعلوا ، يرغبون في طاعة الله ، ويحثون على العبادة ، وهكذا ، ومستوى مثل هذه المحاضرات التي تخيلوها لم يكن يناسب ثقافتهم ومعارفهم . غير أن هؤلاء المثقفين عرفوا بعد أيام من زيارتي أن الأحاديث التي كنت ألقيها عالية المستوى كما قالوا لي فيما بعد ، وقد أغراهم ذلك بالاتصال بي ، فأرسلوا لي مندوبا عنم يسألني عما إذا كنت مستعدا أن ألقى محاضرة بناديهم تكون عبارة عن إجابات لشكوك دينية أصبحت لديهم حقائق أو عقائد ، وأجبت على الفور بالقبول ، وكانت ليلة طويلة حضرها هؤلاء المثقفون ، وحضرها جماعات غفيرة سواهم ليروا هذا اللقاء وينظروا نتائجه .