نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 73
وأنت يا محدثي تحدد المظلوم وتشفق عليه ، مع أنك لا تعرف المظلوم حقيقة ولا تعرف من قصته إلا ما تراه ، ألا يمكن أن يكون من تراه مظلوما هو في الحقيقة ظالم ، ولكنه يتظاهر بأنه مظلوم ليخدعك بدمعه أو صراخه ؟ ألا يمكن أن يكون ما يقع عليه من ظلم تراه ، هو في الحقيقة انتقام لظلم أوقعه هذا الباكي بسواه من قبل وأنت لا تعرف ؟ اقرأ معي هذه الآيات : - ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض [1] . - ولكن الله يسلط رسله على من يشاء [2] . - وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون [3] . وتحضرني قصة عربية ليست بعيدة عما خطر لك يا محدثي الفاضل أسردها لك لترى تدبيرك وتدبير الآخرين : تروي كتب الأدب أنه - في نقائض جرير والفرزدق - هتف جرير يهدد صاحبه : ذاك ابن عمي في دمشق خليقه * لو شئت ساقكم إلى قطينا وكان الخليفة ابن عم جرير حقيقة ، فماذا فعل الخليفة ؟ هل انتصر للشاعر ابن العم ؟ هل خذله ؟ الجواب أن الخليفة قال لابن عمه الشاعر : إنك ما زدت عن أن جعلتني شرطيا ، ولو قلت : لو شاء ساقكم إلى قطينا ، لسقتهم إليك . هذا هو الخليفة الأموي لم يرض أن يكون شرطيا لابن عمه الشاعر ، فهل تريد الله في جلاله وجبروته أن يكون شرطيا لمن تراه أو لمن يرى نفسه مظلوما ؟ وتريد الله أن يسرع للظالم ويمسك بتلابيبه ؟ الإجابة مرة أخرى إنك مادي ، ومعرفة الله تحتاج إلى جانب روحي لأن الله ليس بمادة . ومحدث ثالث صرخ في وجهي ينكر الله ويقول : لو كان هناك إله ما خلق طفلا أعمى أو أخرس أو مشوه الخلقة ، لأن هذا الطفل لا ذنب له فيما وقع به من سوء .
[1] سورة الحج الآية 40 . [2] صورة الحشر الآية السادسة . [3] سورة الأنعام الآية 129 .
73
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 73