نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 72
تريده مادة وهيهات أن يكون الله مادة ، ثم يا محدثي الأجل كيف تريده أن يظهر ؟ أتريده انسانا ضخم الجثة ، مهيب الوجه ، يأمر الريح فتهدأ ، والميت فيحيا ، والبحر فيجف ؟ هل يكفيك هذا لتؤمن به ؟ ولكن هل نسيت يا محدثي أن عيسى أحيى الموتى وشفا المجذوم ، وأن البحر جف لما ضربه موسى بالعصا ، ومع هذا فقد ضل أتباع هذا وذاك ؟ فأهمل أتباع موسى إلهه الذي كان يدعو إليه وراحوا يعبدون عجل السامري ، وحكم قوم عيسى عليه بالقتل صلبا ، وعملوا على تنفيذ حكمهم فيه ؟ وإذا جاءك الله بجلاله ودخل بيتك وأقام لك المعجزات لتؤمن به ، فهل تريده أن يطوف بكل الدور في الدنيا الواسعة وأن يقف بكل منها وقفة يثبت ألوهيته ويقيم عليها الأدلة والبراهين ؟ وما رأيك في أنه عندما ينتقل من قرية إلى قرية سيدع في القرية التي خلفها ألوانا من الشكوك والريب ، وسيقول قوم : إنه ساحر ، وسيقول آخرون : إنه مفتر أثيم ؟ لا يا محدثي ، المسألة أنك مادي ، عميق الجذور في المادية ، والطريق الوحيد لتدرك الله أن تقوي جانبك الروحي والفكري . وقال لي محدث آخر : إذا كان الله موجودا وخالقا للخلق وعادلا فلماذا لا ينصر المظلوم ؟ . قلت له : إن انتصار الله للمظلوم دليل نتخذه لوجود الله ، ونعتقد أن الظالم لا بد أن يثأر منه ، وأنه ليس هناك حجاب بين الله وبين دعوة المظلوم ، ولكنك يا صديقي مادي أيضا تتصور الله شرطيا يهتف به المظلوم فيسعى له الله في الحال وينزل بظالمه العقاب ، والله يا سيدي ليس شرطيا ، إنه يدبر الأمور بعمق أكثر مما تتصور ، وينزل العقاب حينما وكيفما يرى ذلك . وقد يكون من الحكمة أن يمهل الله الظالم فترة ، حتى إذا تجمعت ألوان الظلم التي يوقعها بالآخرين أنزل الله به سخطه وعقابه . قال تعالى : " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما " [1] .