نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 65
ولكن ليس هذا فقط هو كل ما عندنا لإثبات صحة رسالة محمد ، فإن محمدا أثبت لنا بما لا يحتمل ترددا أنه يحمل رسالة نظمتها قوة أسمى من قوى البشر ، أتى لنا بأفكار وضحت لنا ما عجزت الإنسانية عن فهمه عبر القرون فيما يتعلق بما وراء الكون ، وأتى لنا بنظم لشؤون دنيانا تكفل لمعتنقيها السعادة في مختلف الأزمنة والأمكنة . قال لي زميل بجامعة كمبردج : قدم لي الإسلام وأثبت لي أنه رسالة من عند الله . قلت له : لقد طلبت شيئا يسيرا ، لو كنت عربيا لوضعت القرآن بين يديك لترى إعجاز نسجه وإعجاز أفكاره ، ولدفعك هذا كما دفع كثيرين من العرب الإيمان برسالة محمد ، ولكن رسالة محمد ليست للعرب فقط ، إنها للناس جميعا وفيها براهينها لكل الناس ، وهاك بيان ذلك : محمد رجل أمي ، لم يعرف القراءة ولا الكتابة " وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك " [1] ، وهو قليل الثقافة ، وبيئته كذلك محدودة الثقافة ، ولكن رجلا كهذا جاء بنظام للميراث عاش أربعة عشر قرنا ولا يزال في ميعة الصبا ، وعبر هذا النظام حدود الجزيرة العربية إلى عدة أقطار ، واصطدم بمدنيات وثقافات متعددة ، وقورن بأفكار البشر في رحلته الطويلة ، ولكن رجحها ولا يزال يرجحها ، تعال معي نقارنه بالنظام الإنجليزي الذي يعطي الميراث للابن الأكبر ويدع من سواه من الأبناء والبنات ، وتعال نقارنه بالنظام الهولندي الذي يعطي نصف الثروة للزوجة ثم يقسم الباقي بالتساوي بين الأولاد والبنات والزوجة مرة أخرى ، وتعال نقارنه بالنظم التي تعطي البنين وتحرم البنات كما كان متبعا لدى كثير من قبائل العرب ولدى السكان بشمالي