نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 52
لم تكلف محمدا بدعوة ، ولم تخبره برسالة ، ولم تكن إلا شيئا غير عادي ، لم يدرك محمد كنهه ، ولذلك أسرع إلى البيت خائفا مذعورا . وانقطع جبريل عن الرسول مدة بعد ذلك ، وكان الرسول يترقبه في الغار وخارج الغار ، وبعد فترة من الانتظار طالت على محمد ، ظهر له جبريل مرة أخرى ، وكان محمد سائرا بالقرب من منزله ، فظهرت عليه رعدة وفزع ، وسارع إلى بيته في حالة من الخشية ، وقال لأهله : دثروني دثروني ! فدثروه . ولكن جبريل جاءه وهو في هذه الحال وألقى إليه نداء ربه : " يا أيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر ، ولا تمنن تستكثر ، ولربك فاصبر [1] " ، وأدرك محمد بهذه الآيات ما يراد منه ، فهب ينذر الناس ، وبدأت بهذه الآيات مراحل الدعوة للدين الجديد ، وافتتحت هذه الآيات للإنسانية عصرا جديدا هو عصر النور وعصر السلام والإسلام . وبدأ محمد دعوته بمكة ، ولكن الدعوة تعثرت ووقفت قوى الشر في طريقها ، ولكن محمدا بحث عن طريق آخر تنطلق منه دعوة الإسلام ، فهاجر إلى يثرب ، وحاولت القوة الغاشمة أن تلحق به وأن تحطم بالمدينة الدعوة المهاجرة من مكة ، ولكن محمدا قاوم القوة بالقوة ، وخاض معارك حاسمة مع المعتدين ، كتب له في نهايتها النصر المبين ، وعلا صوت الحق ، ودخل الناس في الدين أفواجا ، وعندما استكمل محمد الثالثة والستين كان علم الإسلام يخفق على الجزيرة العربية كلها ، وأصبح لهذه الجزيرة التي كانت أشتاتا متنافرة دين واحد ، ورئيس واحد ، وغاية مثلي تقودها ، وأفكار سامية توجهها ، ثم انطلقت هذه القوة من حدود الجزيرة بعد وفاة محمد فاتجهت إلى أرقى الممالك التي عرفها ذلك التاريخ ، فخرت هذه بسرعة مذهلة أمام الزحف الإسلامي الذي لم