نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 42
حاول هؤلاء العودة إلى الزرادشتية باعتبارها جزءا من تراث فارس ، ولكن الزرادشتية الساسانية كانت بعيدة كل البعد عن اتجاهات زرادشت ، وكانت تحقق أهداف الملوك وطغيان الكهنة . وفي أواخر القرن الثالث المسيحي ظهر ( مانى ) في فارس ، وكان ظهوره في عصر سادت فيه الشهوة ، فاختط طريقا يحارب به هذه الشهوة الجامحة ، فنادى بحياة العزوبة وعدم النكاح لحسم مادة الفساد والشر من العالم ، وذلك بقطع النسل واستعجال الفناء ، وقد قتله بهرام سنة 276 م قائلا : إن هذا خرج لتخريب العالم ، فالواجب أن يبدأ بتخريب نفسه . وذهب ماني ولكن تعاليمه بقيت بعده إلى ما بعد الفتح الإسلامي . وظهر مزدك سنة 487 م فأعلن أن الناس ولدوا سواء ، لا فرق بينهم ، وينبغي أن يعيشوا سواء ، ولما كان المال والنساء من أهم الأسباب التي تخلق الفوارق وتسبب الكراهية ، فقد قال مزدك بالشيوعية التامة فيهما ، يقول الشهرستاني [1] : أحل مزدك النساء وأباح الأموال وجعل النساء شركة بين الناس كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ ، ولقيت هذه الدعوة قبولا لدى الشبان والمترفين والفجرة ، بل أيدها القصر الإمبراطوري ويقول الطبري [2] : كاتف السفلة مزدك في دعوته وشايعوه ، فابتلى الناس بهم وقوى أمرهم ، حتى كانوا يدخلون على الرجل داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله ، لا يستطيع الامتناع منهم ، وحملوا قباذ على الموافقة على ذلك وتوعدوه إن رفض ، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه ، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به .
[1] الملل والنحل ج 1 ص 86 . [2] تاريخ الأمم والملوك ج 2 ص 88 .
42
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 42