نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 274
حتى أصبح العربي يذبح منها ، ثم يعافها لقبحها وهزالها . وقد شملت هذه البلوى الحضر والبادية في الجزيرة العربية ، وهرع أهل البادية إلى المدينة حيث يعيش الخليفة يطلبون إليه أن يدبر أمرهم ، ويلتمسون عند أهل الحضر شيئا مما تعودا أن يختزنوه . وأحسن عمر بجوع الناس وحرمانهم ، فحلف ألا يذوق لحما ولا سمنا ، حتى يحيا الناس ، ووضع دستوره العادل : " كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما يمسهم ؟ " . قال عياض : رأيت عمر عام الرمادة ، وهو أسود قد تغير لونه من الحرمان ، وأكل الزيت . وقال يزيد بن أسلم : لو لم يرفع الله المحل عام الرمادة لظننا عمر يموت هما بأمر المسلمين . وكتب عمر إلى الولادة في الشام وفلسطين والعراق ، ويستنجدهم ويطلب منهم العون ، وكانت عبارته لهم قصيرة عميقة التأثير : " سلام عليك ، أما بعد ، أفتراني هالكا ومن قبلي ، وتعيش ومن قبلك ؟ فيا غوثاه ! يا غوثاه ! يا غوثاه ! " . لم يصدر عمر أوامر ، وكل ما فعله هو هذه المقارنة التي تقرر ضرورة التعاون في السراء والضراء ، وأن من العدل أن يقتسم الناس الخير والشر ، وليس من الإسلام أن يجوع ناس ويشبع آخرون أو يتخمون . وسارع المسلمون في كل مكان يلبون دعوة إخوانهم في الجزيرة العربية ، وانهال العطاء من كل جانب بكثير من السخاء والكرم ، وكان أبو عبيدة من الجراح أسرع الأمراء استجابة لنداء عمر ، فقدم من حمص في أربعة آلاف راحلة محملة طعاما ، وبعث عمرو بن العاص الطعام من فلسطين على الإبل وفي السفن ، وبعث معاوية ثلاثة آلاف بعير من الشام ، وبعث سعد بن أبي وقاص ألف بعير من العراق تحمل الدقيق ، هذا عدا الأكسية الكثيرة التي أرسلها هؤلاء
274
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 274