نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 273
مجتمع متعاطف فيما يلي نموذج لحال المجتمع الإسلامي ، وما يجب أن يغمره من حب وتعاطف وتعاون ، وهو نموذج من واقع الحياة ، لا من نسج الخيال ، نموذج للمجتمع الإسلامي في عهد عمر ، عندما ألمت بالمسلمين نازلة ، وحلت بهم كارثة أو كوارث متعددة . كيف تصرف الراعي ؟ وكيف تصرف القادة ؟ وكيف تصرفت الرعية ؟ وكيف كان الايثار ، والتضحية ، والتعاطف ، خلق هذه الجماعة وهدفها ؟ إننا نقدم بفخر هذا النموذج الرائع ، راجين أن يكون مثلا يحتذي في عالمنا الإسلامي الحاضر : حدثت في عهد عمر حادثة جسيمة ، أو قل أحداث جسام ، تلك هي المجاعة القاسية ، وما جرته من أوبئة فتاكة ، وموت ذريع ، وقد استمرت هذه الأحداث عدة شهور ، جاوزت العام ، ولكنها كانت وثيقة الدلالة على تعاطف هذا المجتمع ، الذي تكون منه جسم واحد ، إذا شكا منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر . تسعة شهور تبتدئ من أواخر السنة السابعة عشرة للهجرة ، لم يهطل المطر خلالها في شبه الجزيرة ، ثم تحركت الطبقات البركانية بداخل الأرض فاحترق سطحها ، وما عليه من نبات ، وكثر الرماد الناعم الذي تحمله الرياح ، حتى سمي هذا العام ( عام الرمادة ) . والجزيرة العربية تعيش على المطر ، إنه يهطل فيشرب الناس ، ويزرعون ويحصدون ، وينمو العشب فترعى الماشية ، وتربى اللحم والصوف ، وتدر اللبن ، فإذا توقف المطر وطال توقفه إلى هذه المدة ، جف الزرع والضرع ، وعم الجوع والبلاء ، وهلكت الماشية ، أو أصبحت عجفاء هزيلة ، وهذا ما حصل في هذا العام ، فإن الماء ، فإن الماء نضب ، فنضب معين الرزق ، وجفت الماشية ،
273
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 273