نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 201
فلما وصل إلى تبوك ووجد أن جيوش الروم تراجعت لم يفكر في مهاجمة الروم ، وإنما عاد أدراجه إلى المدينة . علاقة الحالة الاقتصادية بالحروب : بقي موضوع نحب أن نحققه بإنصاف وعمق ، وهو مكانة الناحية الاقتصادية في الفتوح ، وقد اهتم بهذه الناحية كثير من الباحثين ، وعدها بعضهم العامل الرئيسي في التوسع الذي قام به العرب ، يقول Thomas Arnold [1] : إن العرب شعب نشيط فعال ، دفعته يد الجوع والحاجة إلى ترك صحاريه القاحلة ، واجتياح الأراضي الغنية المجاورة المترفهة . ويقول دوايت دونلدش : ونشك في الحقيقة فيما إذا كان الحماس الديني وحده كافيا لحملهم على القيام بهذه الغزوات الواسعة على البلاد المجاورة ، ويبدو أنهم واصلوا اندفاعهم بسبب الحاجة الاقتصادية الشديدة [2] . ويقول Poole - lane - Stanley : إننا لا نستطيع أن ننكر أن ثروة الأكاسرة والقياصرة ، والأراضي الخصبة ، والمدن العامرة ، في الممالك المجاورة كانت عاملا كبيرا في تحمس المسلمين لنشر الإسلام [3] . ويقول الدكتور فيليب حتى [4] : إن الحاجة المادية هي التي دفعت بمعاشر البدو - وأكثر جيوش المسلمين منهم - إلى ما وراء تخوم البادية الفقراء ، إلى مواطن الخصب في بلدان الشمال ، ولئن كانت الآخرة أو شوق البعض إلى بلوغ جنة النعيم قد حبب لهم الوغى ، فإن ابتغاء الكثيرين حياة الهناء والبذخ في أحضان المدنية التي ازدهر بها الهلال الخصيب كان الدافع الذي حبب لهم القتال .