نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 198
وهكذا كان السبب الرئيسي للقتال هو الدفاع عن النفس والعرض والمال . وهنا يبدو موضوع مهم يتصل بالحبشة تلك البلاد التي ليست بعيدة عن الجزيرة العربية والتي للمسلمين بها عهد منذ مطلع الإسلام ، حتى أنهم هاجروا إليها قبل هجرتهم للمدينة . والسؤال المهم هو أن المسلمين لم يهاجموا الحبشة ، لأن الحبشة لم تمسهم بسوء ، ولو كان المقصود نشر الإسلام بالقوة لهاجموها ، فهي أقل قوة من الفرس والروم . قد يقال إن البحر يحميها منهم ، والجواب سهل ، فقد ملك المسلمين بحرية قوية هاجموا بها القسطنطينية وسيطروا بواسطتها على أهم جزر البحر الأبيض المتوسط ، ولكنهم لم يتجهوا للحبشة ، فما كانت أعمال المسلمين الحربية إلا دفاعا وردا لاعتداء . 2 - تأمين الدعوة وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها ، فقد كانت الدعوة الإسلامية مهددة ، وكانت قريش تسلك كل السبل للقضاء عليها ، ثم كان هناك كثير من العرب يميلون للإسلام ويريدون الدخول فيه ، ولكنهم كانوا يخافون أن ينزل بهم ما نزل بمن سبقوهم إلى الإسلام من عذاب وإيذاء ، فأذن الله لرسوله وللمؤمنين أن يقاتلوا من قاتلهم ، وأن يردوا بقوة السيف الاعتداء الذي قد ينزل بأحد منهم ، قال تعالى : وما لكم لا تقاتلون في في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء [1] . 3 - المحافظة على الأمة الإسلامية من أن تدكها جيوش الفرس والروم ، فقبل الإسلام لم تكن هناك أمة عربية ، وإنما كانت هناك قبائل عربية متحاربة متنافرة ، ولذلك لم يكن الفرس والروم يقيمون حسابا للعرب ، إذ كان العرب داخل جزيرتهم يصطرعون صراعا يكاد يكون متصلا ، ولهذا غض الفرس والروم بصرهم عن الجزيرة العربية لأنها لم تكون وحدة يمكن أن تصبح خطرا على الدولتين المجاورتين في الشمال .