responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي    جلد : 1  صفحه : 157


لم يكن في وسعها أن تقتبس اتجاهاته كاملة ، فقنعت الأمم المتحدة بأن أخذت من الحج جزأه المادي وهو الاجتماع السنوي ، ونسيت أن التشريع الإسلامي هيأ الحج تهيئة روحية ، وأحاطه بظروف تحقق له أقصى درجات النجاح ، تعال بنا نستعرض بإيجاز تلك الظروف الروحية التي توحي بالحب والصفاء والتي لو استغلت الاستغلال الطبيعي لأتت أطيب الثمرات .
فالمكان الذي اختير للحج هو منزل الوحي ، هو هذه الأرض التي درج عليها محمد ، وتلقى بها رسالة ربه ، هو مكة ، حيث الصراع الطويل الذي دار بين الحق والباطل ، هو الموطن الذي شهد رسول الإسلام وهو يقهر الأحداث ، ويهزأ بما حسبته قريش انتصارات لها في نضالها ضد النور المنبثق ، هذا المكان له إيحاءاته ، وله صفاؤه ، وله تاريخه ، إنه يهيئ زواره إلى درجة من الطهر والنقاء يصغر معها متاع الحياة ومادياتها .
وقبل أن يدخل الحاج مكة يلزمه أن يحرم ، والاحرام درجة في الروحانية ذات بال ، يخرج المسلم بها من لباسه ومن زينته ، ولا يمس طيبا ، ولا يلبس مخيطا ، ولا يقص ظفرا ، ولا يحلق شعرا ، ويكتفي بقماش ساذج يواري به عورته ، ونعل بسيطة تحمى قدميه ، فالاحرام بعبارة أخرى إلقاء زينة الحياة الدنيا جانبا ، وتخلص من المتع الزائلة ، وإشعار بالمساواة والأخوة بين المسلمين .
ويلتقي الحجيج جميع في التاسع من ذي الحجة بعرفات ، في ذلك الجبل الفسيح بين الرمل والحصا ، وفي ذلك مزيد من الصفاء ، وتخلص من ماديات الحياة وأنوارها المشعة ، وما بها من جاذبية مؤقتة تسحر العيون ، وفتنة زائلة تشغل القلوب .

157

نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست