نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 125
ولكنها أعلى مستوى ، ويجئ القرآن معجزة لمحمد ، وهو في أعلى درجات البلاغة ، أو قل في درجة من البلاغة لا يعرفها مستوى البشر . وتتناسب المعجزات مع طبيعة الرسالة ، فالرسالات التي سبقت الإسلام كانت لأقوام معينين ، كما كانت مؤقتة ، ولذلك جاءت المعجزات من جنس ما اشتهر عند هذه الأقوام ، كما كانت المعجزة نفسها مؤقتة ، فهي تحدث مرة أو عدة مرات ، ويكفي أن يراها المرسل إليهم ليعترفوا بالرسل إذا كان الله قد كتب لهم الهداية . أما الإسلام وهو دين عام ودائم ، فقد جاء معجزته مناسبة لهذا الوضع أي جاءت عامة ودائمة ، فالقرآن الكريم لا يزال بأسلوبه ومعانيه معجزا ، ولا يزال متجددا يقيم الدليل كل يوم على صحة رسالة محمد ، وقد سمعته الأجيال الأولى فدهشت له ، من آمن منهم ومن لم يؤمن ، حتى كان قادة المشركين يتسللون ليلا خفية ليتسمعوا لمحمد وهو يتلو القرآن [1] ، وسمعته بعد ذلك أجيال وأجيال ، ونسمعه حتى اليوم ونقرؤه ، فيخر البلغاء له ساجدين ، ويعترفون بأنه نسيج وحده ، وأن له نسقا لا يطاول ولا يدانى [2] . وبالإضافة إلى القرآن الكريم ، هناك أيضا تلك النظم الخالدة التي أشرنا إليها عند حديثنا عن " دعوة في الميزان " وقد انبثقت هذه النظم من القرآن الكريم ، ومن الحديث الصحيح ، فكيف لمحمد الأمي أن يضع في حقبة قصيرة من الزمن ألوانا من التشريعات عبرت القرون والأقطار وهي حية نامية
[1] اقرأ هذا الموضوع كاملا في كتاب " موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية " للمؤلف ح 1 ص 271 - 272 من الطبعة السادسة . [2] هناك كتب كثيرة فصلت القول في موضوع إعجاز القرآن ، ونكتفي بالإشارة إليها هنا ليرجع إليها من يشاء ، وأهمها : إعجاز القرآن للباقلاني ، وإعجاز القرآن للرافعي ، والقرآن والعلم الحديث لحديث لعبد الرزاق نوفل ، ومجازات القرآن لمحمد عبد الغني حسن .
125
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 125