نام کتاب : مقارنة الأديان ، أديان الهند نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 52
في المبدأ كان الكون مغمورا في غيابة الظلام ، ولا يمكن إدراكه ، وخال من كل وصف مميز ، لا يستطاع تصوره بالعقل ، ولا بالوحي ، كأنه في سبات عميق ، وانقضى على هذا أمد طويل ، ثم تعلقت إرادة المولى الموجود بذاته التي لا تدركها الأبصار ، فجعل هذا العالم مرثيا هو وعناصره الخمسة وأصوله الأخرى ، متلألئا بالنور الأقدس ، قاشما الظلام الحالك ، فاقتضت حكمة برهما الذي لا يدركه إلا العقل أن يبرز من مادته المخلوقات المختلفة ، فأوجد الماء أولا ، ووضع فيه جرثومة ، فصارت الجرثومة بيضة لامعة لمعان الذهب ، وعاشت داخلها الذات الصلبة على صورة برهما وهو جد جميع الكائنات ، فبعد أن لبث برهما في البيضة سنة برهمية وهى تعادل ملايين السنين البشرية قسم المولى بمحض إرادته هذه البيضة قسمين وصنع منهما السماء والأرض والكائنات . . . وعين لكل كائن اسمه ، وخلق عددا عديدا من الآلهة وخلق طائفة غير مرئية من الجن ، وخلق الزمان وأقسامه ، والكواكب والأنهار والبحار والجبال . . . [1] . وهناك رواية أخرى عن خلق الكون ترويها الأساطير الهندية ، وفحوى هذه الرواية أن الروح الكوني تشكل بالشكل الإنساني ، ثم نظر حوله فلم يجد هناك شيئا غير نفسه ، فصرخ بملء فيه " هأنذا " فوجدت من هذه الساعة كلمة " أنا " ولذلك فأول ما يقول الإنسان إلى الآن عند كلامه عن نفسه " أنا " وشعر هذا الروح الكوني ، أو الإنسان الأول بالخوف من وحدته ، ولذلك يخاف الإنسان إلى الآن إذا كان وحيدا ، ولكنه سأل نفسه : لماذا أخاف ما دام ليس هناك أحد غيري ، وإنما يخاف الإنسان من غيره ؟ ووجد نفسه لا يشعر بالسعادة ولذلك لا يشعر
[1] انظر أيضا دائرة معارف القرن العشرين ج 2 ص 157 - 158 وانظر الأساطير الهندية عن الكون وخلقه ص 37 .
52
نام کتاب : مقارنة الأديان ، أديان الهند نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 52