responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكتاب المقدس نویسنده : مجمع الكنائس الشرقية    جلد : 1  صفحه : 508


الماضي ، وهي مشكلة تأصل الرسالة المسيحية في ثقافة تختلف عن الثقافة التي عاشت فيها من قبل .
يدور الكلام هنا على انتقال ثقافة العالم اليهودي الفلسطيني إلى ثقافة العالم الهليني ، التي تسيرها وتنظمها قوى دافعة مختلفة جدا فتتمثلها ، حتى أنه ليخشى ، لا أن تشوه الرسالة فحسب ، بل أن تذهب إلى أبعد من ذلك ، على نحو التمثيل البيولوجي ، فلا تحفظ الثقافة الهلينية ، وهي وثنية في جوهرها ، من الرسالة الإنجيلية إلا ما يوافقها ، وتنبذ ما سواه . كثيرا ما حدث مثل ذلك ، ولا سيما في التيارات الغنوصية المسيحية في القرن الثاني وعلى مر العصور في بلدان تم تبشيرها على عجل ، فكانت النتيجة أن الوثنية السابقة بقيت كما هي ، بعد أن زخرفت من الخارج ببعض عناصر أخذت من الإيمان المسيحي . كان موقف بولس من هذه المشكلة حازما ومرنا على حد سواء ، فقد شدد تشديدا قويا على نبذ القديم ، مستنكرا بلا هوادة كل تصرف وتعليم لا يمكن التوفيق بينه وبين الرسالة التي يعلنها ، ولكنه كان يتقبل كل ما لا يخالف تلك الرسالة .
فلنحاول الآن أن نستعرض استعراضا سريعا أهم المشاكل التي بحث فيها في الرسالة ونحن ننظر إليها من هذه الناحية .
أما من جهة الانقسامات في الجماعات ، والحكمة الحقيقية والمزيفة ، فقد كاد أن يكون محتوما أن يتعرض المسيحيون ، وهم يعيشون في عالم يدين بالهلينية ، لهذه التجربة ، وهي أن يفكروا في إيمانهم وهم متأثرون بمثال يأتيهم من مدارس للحكمة كثيرة تضم تلاميذ معلم مشهور . عن ذلك نجم الشغف بوعاظ مثل ابلس الذي كان يتحلى من غير ريب بألمعية هؤلاء المعلمين الوثنيين وفصاحتهم .
ونجم عنه أيضا الانقسامات ، وكل واحد يريد أن يجعل نفسه في رعاية رئيس مدرسة . فرد بولس على ذلك ردا شديدا ، فقاوم بحزم ما كان من ذلك ، لأنه رأى فيه الخطر بأن يحول الإيمان المسيحي إلى حكمة فلسفية بشرية ، وقد اتضح له ما ينشأ عنها من تنافس بين المدارس . إن حرصه على نقض الحكمة البشرية بحماقة البشارة ( 1 / 17 - 25 ) لا يبدو للمرء غلوا إلا إذا نسي النقاش : قال بولس أنه يتصرف ذلك التصرف " كيلا يستند إيمانكم إلى حكمة الناس ، بل إلى قدرة الله " ( 2 / 5 ) . ولكنه حرص في الوقت نفسه على عدم تثبيط السعي الصحيح إلى الحكمة ، الذي يظهر في قورنتس ، ولذلك عرض على قرائه الحكمة الحقيقية التي ليست ثمرة بحث فلسفي بشري ، بل عطاء من الله في الروح القدس ( 2 / 6 - 16 ) .
وكذلك فإن المشاكل التي تعود إلى الأخلاق في الشؤون الجنسية تنشأ هي أيضا عن تلاقي الإيمان الجديد والثقافة السائدة ، وهي تتصف تارة بالتسامح المفرط في هذا الميدان ( 5 / 1 - 13 و 6 / 12 - 19 ) وتارة بازدراء الجسد ، وكان شائعا في بعض النزعات الفلسفية في ذلك العصر ( 7 / 1 ) ، وكان يجعل من الامساك عن الزواج مثالا أعلى مطلقا . اهتم بولس قبالة هذه المبالغات المتناقضة بأن يدل إلى الطريق القويم فقبح جميع أنواع الفساد الجنسي ، وأعلن أن الزواج أمر شرعي ذو قيمة ، وأثنى على البتولية ( الفصل 7 ) . ورد المبدأ الذي يقوم عليه التمييز بين هذه الأمور في 6 / 12 وكرر في 10 / 23 وهو " كل شئ حلال ، ولكن ليس كل شئ بنافع " . إن المسيحي محرر من جميع القيود الخارجية حتى في الميدان الخلقي ، ولكنه يجب عليه أن يستفيد من هذه الحرية لكي

508

نام کتاب : الكتاب المقدس نویسنده : مجمع الكنائس الشرقية    جلد : 1  صفحه : 508
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست